ميغان ماك أردل
TT

خوفنا الحقيقي من إيبولا

إلى أي مدى يجب أن يساورنا القلق من عدوى فيروس إيبولا؟ إذا تحدثنا بلغة الأرقام، سنجد أن النسبة «ليست كبيرة جدا»، وفقا للوضع الحالي، إذا لم تكن عامل غرفة طوارئ أو اختصاصي أمراض معدية في عدة مستشفيات محدودة، يجب أن تقلق كثيرا من الأرضيات الرطبة والأشخاص الذين يكتبون رسائل نصية أثناء القيادة. لأن مخاطر إصابتك بأضرار نتيجة لهذين العاملين أكبر كثيرا من الناحية الإحصائية.
لا يعني ذلك أن الأمر لا يبعث على القلق. لقد انقسم الليبراليون والمحافظون حوله بطريقة تناولها كاتب السيناريو سكوت ألكسندر بالتفصيل في منشور مثير للاهتمام.
على جانب آخر، شاهدت من يقول خطأ إن الإصابة بعدوى فيروس إيبولا أصعب من الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب. ولكن الإصابة بإيبولا أسهل من الإصابة بعدوى نقص المناعة المكتسب إذا تعرضت لشخص ناقل للعدوى؛ والسبب في أن الشخص العادي المصاب لا ينقل العدوى إلى أشخاص آخرين كثيرين هو أنه في وقت إصابته يصبح مريضا للغاية، بدرجة لا تسمح له بالتحرك كثيرا، ويكون على وشك الموت. في المقابل، يستغرق فيروس نقص المناعة المكتسب وقتا أطول حتى يشعر الشخص بالمرض، لذلك يكون لديه مزيد من الوقت لنقل العدوى لشخص آخر. كذلك نزلات البرد العادية تصيب كثيرا من الأشخاص، نظرا لأن المصابين بها يتمتعون بصحة كافية لكي يتحركوا؛ ولست متأكدة ما إذا كان الشخص الحريص يجب أن يخشى الإصابة بالبرد أكثر من الإصابة بعدوى إيبولا.
مما يزيد من تعقيد الأمر، كان معظم تعاملنا مع فيروس إيبولا في دول فقيرة تفتقد إلى البنية التحتية التي تسمح لها بالقيام بإجراءات تدخل مكثفة. يقول خبير الأمراض المعدية بول فارمر إنه في المستشفيات الغربية، التي تحظى بعلاج مساعد وتشخيص سريع، يجب أن يكون معدل الوفيات بسبب إيبولا بحد أقصى نحو 10 في المائة، وهو أمر يبدو مخيفا بدرجة أقل. ولكن تجعل مثل تلك التدخلات من عمال الرعاية الصحية أكثر عرضة للخطر، لأنهم يشتركون في وضع أشياء في أوردة المرضى مما يُعرّض العمال الذين يؤدون المهام المتعلقة بدم المصاب بالفيروس للإصابة. يمكن أن يقلل اتباع إجراءات سلامة صارمة من تلك المخاطر، كما شهدنا في دالاس، ولكن أحيانا تفشل هذه الإجراءات.
كانت أبرز الأوبئة التي تصيب أفريقيا محصورة على المناطق الريفية التي كانت تنتهي فيها سريعا. ولكن لا يعيش معظم الأميركيين في مناطق ريفية، بل نعيش في مدن أو ضواح نمضي بها وقتا طويلا في التعامل مع غرباء. وبهذا تستطيع حالة طليقة مصابة بإيبولا السفر لمسافة أبعد وبسرعة أكبر من حالة أخرى في دولة فقيرة. لنتخيل مثلا أن مصابا بعدوى إيبولا يستخدم دورة مياه عامة في أحد المطارات أو المراكز التجارية، ولم يغسل يديه جيدا. ولكن من الأفضل ألا تتخيل ذلك إلا إذا كنت تملك مخزونا جيدا من عقار أمبين.
والآن قبل أن تبدأ في التسوق لشراء بنوك للحبوب وأدوات الاستعداد للكوارث، لا أرى أننا معرضون لخطر انتشار وباء إيبولا. كان لدينا بعض الإخفاقات الأولى الواضحة، ولكني على ثقة تامة من أن نظام الرعاية الصحية الأميركي سيكون قادرا على احتواء أي تفش للمرض سريعا، لأن إيبولا مرض مخيف جدا: تنتقل عدواه بسهولة وله نسبة وفيات عالية للغاية. ونحن دولة غنية تملك نظام رعاية صحية جيدا، وموارد هائلة، وسوف نحشد كل ما هو ضروري لإيقاف انتشار المرض.
أما السيناريو الكابوسي فلا يتعلق بدخول إيبولا إلى هنا؛ حتى وإن فعل، فسيكون من الصعب التصور بأنه سينافس مضادات الالتهاب اللاستيرويدية على كونه مسببا للوفاة. ولكن يوضح يوفال ليفين الكابوس الحقيقي:
تدل طبيعة النقاش القائم لدينا، بما فيه من خلاف حول حظر السفر، على حقيقة ربما لم نتعلمها حتى الآن وهي عدم الاستهانة بهذا الوباء. لا نزال نفكر في ما يتعلق بالأزمة في غينيا وليبيريا وسيراليون التي قد تصل إلى السواحل عن طريق الوسائل الكثيرة التي تربطنا بالعالم. ولكن من المحتمل أن يكون الخطر الحقيقي بالنسبة لنا ولآخرين أكبر من ذلك بكثير. يجب ألا يكون أكبر مخاوفنا أن المرض من الممكن أن يصل إلى الولايات المتحدة قادما من تلك الدول الواقعة في غرب أفريقيا، ولكن أن يصل إلى مناطق تمركز السكان في نيجيريا، أو على سبيل المثال الهند، أو مناطق أخرى ذات كثافة سكانية عالية ونظم رعاية صحية عامة ضعيفة، ومن هناك سوف ينطلق الوباء منتشرا في بلدان العالم الثالث. سيجعل النطاق الذي من المرجح أن يصل إليه هذا الوباء في غرب أفريقيا من الصعب منع حدوث ذلك، مما ينذر بخطورة وقوع كارثة إنسانية أضخم كثيرا من الكابوس الذي نعيشه بالفعل أو التهديد الأكبر الذي يواجه سكان الولايات المتحدة.
ولكن الخبر الجيد هو أن نيجيريا تمكنت بنجاح من احتواء وإنهاء عدوى إيبولا التي ظهرت في لاغوس في بداية فترة انتشار الوباء. لا يعني ذلك أن إجراءات حظر السفر المعلنة في الكثير من الدول النامية سوف تمنع بالضرورة وصول المسافرين المصابين بالعدوى تماما. ربما تخرج إيبولا من مصدرها في المناطق الريفية في الدول الأفريقية، وتضرب مناطق ذات عدد سكان أكبر ولكنها فقيرة بدرجة لا تسمح لها باتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة هذا الوباء الذي من المرجح أن يتسبب في حدوث وفيات بين مسؤولي تقديم الرعاية الصحية. كما يقول ليفين، وذلك هو التهديد الأكبر لمليارات من البشر في العالم النامي ولنا نحن أيضا. إذا استطاع العالم منع حدوث ذلك، فمن المرجح أن يكون السبب هو خوفنا الحقيقي من إيبولا، واتخاذنا الإجراءات التي نحتاج إليها للتأكد من عدم انتشاره.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»