مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الحمد لله على نعمة الإسلام

قال الدكتور وليد أحمد فتيحي، الرئيس التنفيذي للمركز الطبي الدولي، إن العالم بأسره يمر بظروف عصيبة حالياً بسبب فيروس «كورونا المستجد»، مشيراً إلى أنه من بين الأمور التي يجب فيها الأخذ بالأسباب حلق اللحية.
وعرض فتيحي نموذجين للتعامل مع (الكمامات) أثناء وجود لحية مرة، ومرة أخرى بعد حلقها.
وخلص إلى أن اللحية في هذه الحالة تكون عائقة لفاعلية الكمامة. وأردف قائلاً: إنني اضطررت لحلقها من باب الأخذ بالأسباب، رغم أني لا أريد حلقها، وليس سهلاً علي أن أقوم بذلك بعد أكثر من 30 عاماً. واستطرد قائلاً: المرحلة التي يكون فيها حفظ النفس وحفظ الآخرين أعلى بكثير من حيث الأجر عند الله من ترك اللحية، قمت بالعمل إيماناً مني بأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح والضرورة تبيح المحظور، داعياً الملتحين بأن يتأسوا بما فعله.
انتهى كلام الدكتور وليد الذي شاهدته بالصورة والصوت على (الواتساب)، وهو يحلق لحيته وشاربه بكل أناقة، بدون أي جرح أو حتى خدش، وحسدته من كل قلبي على (حرفنته)، وأنا الذي لا أقوم بحلق لحيتي كل مرّة إلاّ وتتصبب الدماء من وجهي.
المعروف أن اللحية للرجل طبعاً، هي سنة مؤكدة مثلما جاء في الحديث – بما معناه: حفّوا الشوارب وأكرموا اللحى، لهذا جبل علماء الدين والمطوعون عندنا على إطلاقها كل على طريقته، فمنهم من جعلها بمستوى القبضة، أما من أطلقها لتصل إلى شبر أو شبرين أو حتى أكثر، فكيف تركب عليه الكمامة وتقوم بدورها؟!
وبمناسبة اللحيّة، فقد اختلط في هذا الزمن (الحابل بالنابل) – خصوصاً بعد أن انتشرت في العالم أجمع (موضة) إطلاق اللحيّة، فأصبح الحال مثلما قال الشاعر الشعبي: ما نعرف شيوخ العرب من خدمها.
وكنا قبل ذلك وما زلنا نحترم ونوقر الرجل الملتحي المتديّن، والآن نجد غالبية الشباب قد أطلقوا لحاهم على عواهنها، ومنهم لاعب الكرة، والفنان، والمصارع، بل وحتى العربجي الذي يمشي بها متعايقا، ولسان حاله يقول: (يا أرض انهدي ما حدش قدي).
واللحية عموماً كانت مرتبطة بالديانات السماوية، لهذا هي منتشرة أيضاً بين حاخامات اليهود، وقساوسة المسيحيين، بل إن بعض رجال الديانات الأرضية – خصوصاً في قارة آسيا - بالغوا في إطلاق لحاهم بحيث قد تبلغ اللحية الواحدة إلى ما تحت السرّة، بل وقد تصل إلى الركبة.
ولا أملك إلاّ أن أقول: الحمد لله على نعمة الإسلام.