أفضل - أو أهم - رواية عن قتل سقراط انتحارًا بالسم، تركها لنا تلميذه أفلاطون. وقد تساوى الاثنان في تأسيس الفكر وقواعد المؤسسة المدنية كما نعرفها. ما هو الشعور الذي يخامرك وأنت تقرأ حكاية اليوم الأخير في حكاية المعلم الكبير كما رواها التلميذ الكبير؟ لا أدري. حاول أن تقرأ.
يقول أفلاطون إن تلامذة سقراط كانوا يذهبون إليه كل يوم في سجنه. قبل يوم إصدار الحكم: «ذلك اليوم ذهبنا مبكرين. دخلنا وإذا زوجته كزانتيبي وابنهما الصغير، هناك. كانت تبكي وتردد ذلك النوع من الكلام الذي هو عادة النساء: آه يا سقراط، هذه آخر مرة تتحدث إلى أصدقائك ويتحدثون إليك! وتطلع سقراط إلى كريتو وقال: كريتو، فليُعِدها أحدكم إلى المنزل. وقام بعض رجال كريتو بشدها بعيدًا وهي تنتحب وتدق صدرها. أما سقراط فجلس على المقعد وطوى ساقه وأخذ يفركها. وراح يعلم عن الفارق بين الألم واللذة».
يمضي أفلاطون في الرواية: «بعد أن انتهى من الكلام قال له كريتو: هل هناك أي توجيهات لنا في خصوص أولادك؟ هل هناك شيء نستطيع أن نخدمك به؟ انتبهوا إلى أنفسكم، قال سقراط. ثم سأله كريتو: كيف تفضل أن ندفنك؟ آه، كما تشاءون، إذا لم أتمكن من الإفلات منك. ثم ضحك بهدوء، وقال: أيها الأصدقاء، إن كريتو يخاطب الجثة التي سوف أصيرها ويسألها كيف سيدفنها. كن شجاعًا يا كريتو. ادفنها بالطريقة المناسبة».
«قال ذلك ثم ذهب إلى غرفة ليستحم، فتبعه كريتو وطلب منا أن ننتظر في الخارج. وأخذنا نتحادث كم سيكون الفقد كبيرًا وأننا سوف نصبح أيتامًا. وبعدما استحم، أُحضر إليه أبناؤه الثلاثة، ثم حضرت نساء العائلة، غير أنه صرف النساء وانضم إلينا».
«كان الغياب قد حل. ولم يكن بعد ذلك كلام كثير. ثم جاء الحارس الذي كُلف بأن يعطيه السم الذي عليه أن يتجرَّعه، وقال له: يا سيدي، أنت تعرف ما الذي عليك أن تفعله، أما أنا فلم أعرف في هذا المكان رجلاً أنبل منك. ثم انفجر بالبكاء ومضى. وودعه سقراط قائلاً: حظًّا سعيدًا. وسوف أفعل ما تقول. كم هو لطيف هذا الإنسان. منذ أن وُضعت في السجن وهو يقوم بزيارتي كل يوم ويحادثني. والآن، ها هو يبكي من أجلي. هلم يا كريتو، أعطني السم إذا كان جاهزًا أو اطلب من الرجل أن يعدّه. لكن كريتو قال: إن الشمس لم تغرب تمامًا بعد، تمتع بمزيد من الوقت. فقال سقراط: سوف أحتقر نفسي يا كريتو إن أنا تعلَّقت ببضع لحظات إضافية. هات، أعطني السم، ثم رفع الكأس بهدوء وتجرَّع منه».
8:7 دقيقه
TT
أفلاطون يروي انتحار سقراط
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة