يقولون إن الكتاب ابن الكاتب، وإن صدور كتاب لمؤلف مثل ولادة طفل لامرأة. إذا كان هذا حقاً، فمن المفروض من الإخوان أن يهنئوا ويباركوا لصاحبهم على ما يولد له من كتاب. هذا في الواقع هو العرف الجاري. ولكنهم لا يبعثون له بصينية بقلاوة ولا بطاقية أو دشداشة للمولود، وإنما بعرائس الشعر أو النثر تهنئة له وإشادة به. هكذا فعل الأديب عبد العزيز محمد الذكير عندما تسلم كتاب غازي القصيبي «حياة في الإدارة». فقال فيه هذه الأبيات التالية:
قد راقب التطوير من مطلة أو رابية
جاء بها صراحة لم تعترضها نابية
ذقنا بكل شولة حلاوة الزلابية
أو أنه سلافة في الدن أو في الخابية
حق له أن يقول: ها كم أقرأوا كتابية
لا شك أن حلاوة الزلابية ذاقها السيد الذكير في الأسلوب الظريف الذي عالج فيه القصيبي هذا الموضوع الثقيل، الإدارة، حتى قال في كتابه إنه لم يشتهر في شيء كما اشتهر في فكاهته. وهو لعمري كان تصريحاً خطيراً من وزير وسفير.
ولكنني ذقت طعم الزلابية في مكان آخر. وأقصد في الرسالة التي بعث بها صديقنا د. زاهد محمد زهدي بمناسبة إصدار الشيخ عبد المقصود الخوجة لكتابي «الشعراء في إخوانياتهم». لاحظ أبو عمار أن نسبة كبيرة من محتويات الكتاب تعود في الواقع إلى قريحته التي لا تنضب. فبعد أبيات قليلة من التهنئة والمجاملات، مضى ليقول:
نعم الكتاب تنوعت صفحاته
أحصيتها فإذا بها «مائتان»!
عشرون منها من قريحة زاهد
فأنا الشريك بظلها الفينان
«العشر» مما قد كسبت يعود لي
فابعثه لي فوراً بغير توان
فإذا منحت «الألف» أرسل عشرها
«مائة» بلا مَن ولا شكران
إن كان بالدولار فهو مرادنا
وهو الجدير الحق بالعرفان
بيد أن الدكتور زاهد لا يستطيع صبراً حتى ينقل الحديث إلى مأساة بلده العراق، وما يعانيه من جوع وإفلاس. فقال:
فإذا تسلمت النقد ديناراً فقد
حلت بساحك نكبة الخسران
وا نكبة الدينار وا حزني على
أهليه كم تشقى به وتعاني
إذ أصبحت بلد السواد خرائب
والذل فيها عم كل مكان