حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

قمة العشرين والموضوع الواحد!

استضافت السعودية قمة «مجموعة العشرين» الطارئة التي عقدت بشكل افتراضي (عن بعد) بسبب الأحوال الاستثنائية التي فرضها الانتشار الكبير لفيروس كورونا المتجدد.
ورغم قصر الوقت الذي خُصص قبل موعد القمة، فإن السعودية تمكنت من الإعداد لها جيداً، سواء أكان بالتنسيق أو بالتقنية. دُعيت الدول الأعضاء في المجموعة، ودول أخرى بصفات استثنائية، وأهم المؤسسات الدولية المعنية. وكان على جدول أعمال القمة موضوع واحد، وهو كيفية التعامل مع كورونا، بشقيها الصحي والاقتصادي. حسناً فعلت السعودية بدعوتها لهذه القمة الطارئة لأجل إعادة التركيز على الموضوع الأساسي، وهو الأزمة الصحية التي تسبب بها مرض كورونا. وغير خافٍ على كل متابع لهذه المسألة، منذ انطلاقها، أن بعض الأطراف حولها لفرصة لتصفية حسابات خاصة، كالذي يحدث بين الولايات المتحدة والصين، أو الصين ودول الاتحاد الأوروبي، أو روسيا وأميركا، على سبيل المثال لا الحصر طبعاً. وكان من أهم القرارات التي خرجت بها هذه القمة الاستثنائية التركيز على أولوية الاستثمار في القطاع الصحي، وتحويل كثير من خطوط الإنتاج الصناعية التقليدية لإنتاج مواد طبية وصحية مطلوبة، وبشكل عاجل وطارئ، كما حصل تماماً في تحويل شركات السيارات «فورد» و«جنرال موتور» خطوط إنتاجها إلى إنتاج أجهزة تنفس صناعي، وكذلك شركات «تسلا» و«دايسون» لعمل الشيء ذاته، والشيء نفسه بالنسبة لبعض شركات النسيج والأزياء التي حولت خطوط إنتاجها لصالح إنتاج ملابس واقية وكمامات صحية للوجه.
الطوارئ الكبرى في العالم تصنع الكيانات الجديدة، واليوم «مجموعة العشرين» تقوم فعلاً بقيادة العالم على حساب كيانات هرمت وترهلت، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية. تركيز الجهود الدولية الكبرى على هدف إنساني واحد، وهو التعامل مع التحدي الصحي الذي ينتجه فيروس كورونا، هو المطلوب في هذه اللحظة؛ هذه اللحظة التي يتحتم فيها غلبة ضمير الاقتصاد الأخلاقي الذي باتت فيه أرقام المصابين والموتى من فيروس كورونا أهم من معدلات النمو الاقتصادي وأسعار العملات وقيم البورصات، وهذا ما نجحت فيه قمة العشرين الافتراضية الأخيرة، التي أكدت أن الرسالة الأهم هي أن الإنسان أولاً. التحدي الأهم الذي يواجه العالم اليوم صحي وإنساني. والتركيز عليه، لمواجهته والقضاء جماعياً عليه، سيكون أقصر الطرق لتقصير فترة الركود الاقتصادي الحاصلة.
الأدوار القيادية تظهر في كيفية مواجهة الأزمات الكبرى، وحسن توحيد الجهود المبذولة للخروج منها. ودعوة السعودية لهذا الاجتماع الافتراضي الطارئ وضعت لأول مرة حلولاً جماعية لأن المشكلة تهم الجميع، ولا يمكن أن تحل بمبادرة فردية.
عقدت القمة الاستثنائية لدول العشرين عن بعد، وكأنها مرآة للعالم الذي بات يعيش ويعمل ويتعلم عن بعد، وكل الأمل أن تكون مقررات القمة أولى خطوات الضربة القاضية لفيروس كورونا وتبعاته.