علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

نصف الحقيقة

في عالم الإعلام يحارب الإعلاميون المحترفون الشائعة ويعدّونها خطراً على المعلومات الصحيحة.
لكن أتعرفون ما هو أخطر من الشائعة؟ إنه نصف الحقيقة، ولماذا نصف الحقيقة خطر؟ لأنه يعطي معلومة صحيحة عن موضوع ما ولكنها ناقصة.
وللأسف فمعظم محللي العالم العربي في معظم المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها يعطون نصف الحقيقة ويحجبون النصف الآخر، وبعضهم يحجبها خوفاً والبعض نفاقاً والبعض بحثاً عن الجماهير!
وللأسف الاقتصاد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل جوانب الحياة، فمن دون استقرار سياسي لا يوجد اقتصاد.
وحتى لا نخرج عن الموضوع نجد أن بعض خبراء البيئة في العالم العربي يركزون على الجانب المشرق في البيئة ولا يذكرون الجانب المخيف أو الجانب الذي يحتاج إلى معالجة حتى تتفاقم المشكلة، ومن مشكلة بيئية تتحول إلى مشكلة اقتصادية، وما تفاقُم مشكلة تلوث النيل إلا مثلاً على ذلك، حتى أدى الأمر إلى منع دخول المنتجات الزراعية المصرية إلى أوروبا ليتضرر الاقتصاد المصري والمزارع المصري على وجه الخصوص.
هذا من جانب، والجانب الآخر، الاستهتار عند استخدام المبيدات للزراعة، وعدم التقيد بفترات الحظر، مما يشكل خطراً على حياة المواطن وصحته، ويكلف الدول خسائر اقتصادية هائلة من خلال علاج هذا المواطن الضحية، هذا إذا وجد من يعالجه.
الاقتصاد وبعض محلليه ليسوا بمعزل عن بيئة العالم العربي، فهم أيضاً يذكرون نصف الحقيقة ويُخفون النصف الآخر، مما يقود إلى نتائج خاطئة، والأخطاء في الاقتصاد مكلّفة ولها ثمن باهظ.
والاقتصاد في جميع أنحاء العالم هو محرك التنمية، والقرارات الاقتصادية تُبنى على عوامل متغيرة، فمثلاً إذا ارتفعت الفائدة، اتجهت الأموال إلى البنوك، وإذا انخفضت الفائدة اتجهت الأموال إلى المشاريع، وهذا مَثلٌ مبسط للعوامل الاقتصادية، فحجب المعلومات سواء من البنوك المركزية العربية أو ذِكْر نِصف الحقيقة يؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد.
وحتى لا نكون متشائمين أكثر مما يجب، فإننا نعلم أن الاهتمام بالاقتصاد من الأفراد في العالم العربي بدأ متأخراً، وأنا هنا أتكلم عن الاقتصاد كعلم لا كممارسة.
ومع ذلك بدأت بعض البنوك المركزية العربية تصدر بيانات ربع سنوية عن بعض المؤشرات الاقتصادية التي يُبنى عليها استثمار ما، ومن أمثلة ذلك البنك المركزي السعودي أو ما يُعرف بمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، بدأت بإخراج بعض المؤشرات الدقيقة، مشتملةً بيانات دقيقة سواء سلبية أم إيجابية، وأتى ذلك واضحاً بعد تسلم الدكتور أحمد الخليفي قيادة هذا المرفق المهم اقتصادياً.