سعود الأحمد
كاتب ومحلل مالي
TT

من هنا تعالج مشكلة السكن

المشكلة في تأخر حل أزمة السكن في السعودية تكمن في عدم وجود جهة قادرة على التنسيق بين الجهات المعنية لتحقيق هذا الهدف. فوزارة الاسكان تعمل على الحصول على أراضي واعتمادات مالية لبنائها وتوزيعها على المواطنين بمعايير عادلة تحددها طبقاً لرؤيتها الخاصة، وتحتاج إلى معلومات من جهات أخرى ليتم التوزيع.. لكن يبدو أن هذه الوزارة تصفق بيد واحدة! وأن هناك عدة جهات معنية بمعالجة مشكلة أزمة السكن.
ووزارة المياه والكهرباء عليها أن توفر خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي في الأحياء السكنية، وخصوصاً أحياء المنح والمخططات السكنية المطورة. فلو أن كل مواطن لديه أرض سكنية في مخطط معتمد وصلت له خدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي، لما نشأت في الأصل أزمة السكن، حتى تراكم عدد المحتاجين الى السكن ليصل الى ـ3.6 مليون مواطن!
ووزارة النقل والبلديات والهيئات العليا لتطوير المدن عليها أن تنفذ مشاريع الطرق داخل المدن وتبني الأرصفة وتجهيز أعمدة الإنارة وخدمات النظافة بالأحياء السكنية الجديدة وتسهيل شروط إصدار رخص البناء (كما فعلت إدارة الجوازات). ووزارة البلديات يمكنها زيادة إمكانية بناء الأدوار الإضافية، بما لا يتعارض مع المعطيات والمحددات المنطقية.
ووزارة العمل (مع الأسف) نلاحظها تغرد خارج سرب العمل على حل مشكلة السكن! فنحن نشاهد مشاريع السكن تتوقف بسبب نقص العمال، لأن وزارة العمل تستهدف، ربما، تحفيز المواطن ورب العمل لحل مشكلة البطالة؟! أم أنه سعي منها لإرضاء وزارة الداخلية التي تبارك كل ما من شأنه تخفيض مبالغ التحويلات الخارجية؟! وإن كانت تريد في ذات الوقت حل مشكلة السكن، ولكن بأقل قدر من التكاليف.
كما أن وزارة البرق والبريد والهاتف عليها أن توفر خدمات الاتصالات. وذلك بتنفيذ مشاريع شبكات الهاتف الثابت والأنترنت وأعمدة لاقطات اتصالات الجوال. والكلام ينطبق ايضاً على وزارة الشؤون الإسلامية لتوفير مساجد، ووزارة الصحة لتوفير مستشفيات والداخلية لتوفير أقسام شرطة ودوريات أمنية ... لأن جميع الوزارات معنية بتنفيذ توجيهات القيادة لحل مشكلة السكن، وليست فقط وزارة الإسكان والمالية والداخلية. ولو كانت المشكلة تنحصر في أرض وقرض، لحلها صندوق التنمية العقارية بمنحه القروض، ووزارة البلديات التي ما تركت مدينة ولا بلدة إلا ومنحت أهلها مخططات سكنية جديدة!
ولعلي بهذا الصدد أُذكر بقرار مجلس الوزراء بجلسته في 25 /1/ 2010، الذي أقر آلية إيصال الخدمات البلدية للمخططات المراد إيصال الخدمات إليها على مستوى مناطق المملكة، والتي منها الطرق والمياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، وتشكيل لجنة على مستوى وكلاء الوزارات المعنية، وهي: وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المياه والكهرباء ووزارة النقل ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. واتساءل إلى أين وصلت هذه اللجنة؟! كما أن هناك أحياء بمدينة الرياض كان من المخطط أن تصلها الخدمات البلدية عام 1993، وما زالت على قائمة الانتظار! هذا التأخر في الخدمات هو الذي تسبب في غلاء المساكن والأراضي السكنية. لأن المعروض من قطع الأراضي السكنية المغطى بالخدمات أصبح أقل بكثير من الطلب. ولو أننا نفذنا خطط إيصال الخدمات لما تولدت لدينا مشكلة سكن!
والآن.. لا بد من وجود جهة عليا تُعنى بالشأن العام وتنسق بين الجهات لتفعل التوجهات العامة والمشاريع الاستراتيجية. حتى لا تبقى التوجهات العامة تتعثر في مطبات البيروقراطية الحكومية وتعارض الاهداف والاهتمامات بين الوزارات والمصالح والهيئات!