حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

هل يعزل الولي الفقيه؟!

«المهمة المستحيلة» هذه الأيام هي الوصف الأنسب لمحامي كارلوس غصن أو المستشار الإعلامي للمرشد الإيراني علي خامنئي، وكلاهما مطالب بالدفاع عن وضع لا يمكن قبوله أبداً. الأول الأدلة والبراهين تدينه، وفر من مواجهة العدالة بشكل غريب وعجيب. أما الثاني فوضعه أخطر، فهو «المرشد الأعلى» للجمهورية الإسلامية وبصفته الدينية «آية الله» و«الولي الفقيه»، فهو لديه عصمة إلهية تعفيه من الخطأ، ولكن الفشل المتتالي في عهد هذا الرجل أسقط عنه كل هيبة كان المنصب والموقع يمنحه إياها. فشل سياسي لا يتوقف، انهيار اقتصادي غير مسبوق، حتى حالة التعاطف الظاهري الذي كان جماهيرياً واضحاً في جنازة الإرهابي قاسم سليماني وقائد ميليشيا «فيلق القدس»، الذي قضت عليه أميركا، وبعد الوعيد برد مزلزل من إيران للثأر لـ«سيد الشهداء» حسب زعمهم، جاء الرد هزيلاً وكاريكاتورياً دون ضرر ولا نتيجة، بل إنه تسبب في تفجير طائرة مدنية تابعة لأوكرانيا بصاروخين، ولم تعترف إيران إلا بعد مرور أربعة أيام من النفي والإنكار، لتخرج بعدها المظاهرات العارمة في كل البلاد منددة ومحتجة على الحكومة، وممزقة لكل صور الإرهابي قاسم سليماني ومطالبة بصراحة وبشكل مباشر بتنحي وعزل المرشد خامنئي.
كانت المظاهرات في السابق تردد «يسقط الديكتاتور»، إنما هذه المرة خرجت تطلب عزله بالاسم. علي خامنئي لم يكن المرشح الأكثر جدارة لمنصب المرشد بعد الخميني. فمن ناحية درجة المكانة العلمية كان آية الله منتظري في موقع علمي أهم منه، بل وأهم من الخميني نفسه، الذي عزله بالإقامة الجبرية خوفاً من منافسته له. بل إن هاشمي رفسنجاني كان أغزر منه علماً، إلا أن مسألة «النسب» حالت بينه وبين هذا المنصب.
لذلك كله لجأ خامنئي إلى تقوية الدائرة المسلحة لدعمه على حساب الدائرة العلمية، التي من المفروض أن تدعم من يمثل منصب المرشد الأعلى. وعليه صعد نجم ونفوذ «الحرس الثوري» والميليشيات التابعة له، وكانت أداة ويد النظام الغليظة لتطبيق سياساته وتوجهاته بشكل فج. واليوم يواجه خامنئي «هزة» عنيفة تهدد مفهوم ولاية الفقيه، فهو متهم بالفشل والكذب والتضليل والفساد، وكيف يحدث هذا وهو المعصوم؟! معضلة جدية وامتحان فلسفي هائل، فقديما كان حاجز اللوم والمسؤولية دائماً يقف عند حدود رئيس الجمهورية أو وزير من الوزراء، لكن الشعب لم يعد يتحمل هذه الخدعة، ولذلك خرج عن بكرة أبيه يطلب عزل خامنئي وتنحيه، بل وتحميله هو مسؤولية كل الفشل الذي حصل.
هل يعزل الولي الفقيه؟ يبدو أن هذا السؤال هو الأهم اليوم في إيران.
أشفق على المستشار الإعلامي لعلي خامنئي. مهمة مستحيلة.