سكوت ديك كومينورز
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

من أجل الإعلانات... «تويتر» يحث مستخدميه على استهداف أنفسهم

منذ بضعة أسابيع، قدم موقع التواصل «تويتر» للمستخدمين هدية مبكرة لعطلة نهاية العام تحت اسم «موضوعات»، وهي خاصية تتيح لهم الاشتراك للاطلاع على موضوعات معينة. وبحسب ما أوضحت شركة «تويتر»، فإن تلك الخاصية ستقلل من حاجة المستخدم إلى تتبع الحسابات المختلفة لأن «الموضوع سيأتيك تلقائياً». ورغم أن الموضوعات تبدو كأنها ميزة جديدة للمستخدمين، فإنها محاولة مستترة لتحسين طريقة استهداف منصة التواصل لعملائها بالإعلانات. بيد أن خاصية «الموضوعات» المذكورة تشترك في أوجه القصور نفسها التي تشوب منصة «تويتر».
كما كتبت من قبل، فإن منصة «تويتر» تواجه مشكلة أساسية في الاستفادة من بيانات المستخدم الخاصة به. فنظراً لأن المنصة تشجع التفاعلات القصيرة والسطحية، فإنه من الصعب على الشركة تقييم جودة المحتوى ومعرفة الكثير عن تفضيلات مستخدمين محددين واهتماماتهم. هذا الأمر يعد سيئاً بالنسبة للسطر العلوي من «تويتر» الذي يعتمد على مبيعات الإعلانات. إذا كانت الشركة لا تعرف ما يريده المستخدم، فستجد صعوبة في اكتشاف أي نوع من الإعلانات يتوجب عليها نشرها لهذا المشترك أو ذاك، وهذا يعني أن الإعلان عبر المنصة غير ذي جدوى كبيرة.
هذا هو المكان الذي يأمل فيه «تويتر» أن تشكل فيه خاصية «موضوعات» عنصر مساعدة. فقبل استحداث خاصية «موضوعات»، لم يتمكن «تويتر» من معرفة على وجه اليقين ما إذا كنت تحب شيئاً معيناً أم لا. والآن، إذا اشتركت في خاصية «موضوع»، فسوف تتمكن المنصة على الأقل ادعاء أنك مهتم به.
يتسم «تويتر» بشفافية كبيرة في هذا الشأن، حيث يوضح أنه عندما تتبع خاصية «موضوع»، فإنك «سترى تغريدات، وأشخاصاً، وأحداثاً وإعلانات» حول هذا الشيء على وجه اليقين، ولذلك فإن الكثير من خواص «موضوعات» المتاحة حالياً مرتبطة بفئات إعلانية محددة.
إنني أقدّر بل معجب بجرأة الشركة في طلبها صراحة من المستخدمين تحديد الإعلانات التي سيجري عرضها. لكن في الوقت نفسه، إن الحاجة لفعل ذلك تكشف اللغز الحقيقي لنموذج «تويتر» الحالي. فقد أدركنا جميعاً أن مطابقة إعلانات «تويتر» كانت سيئة، لكن من كان يعلم أنها كانت سيئة للغاية بحيث يتعين على الشركة أن تطلب من المستخدمين المساعدة في استهداف أنفسهم.
ثمة مشكلة أعمق مع خاصية «موضوعات»، إذ إن عدم قدرة «تويتر» على تنقيح البيانات يجعل خاصية «موضوعات» أقل فلترة، وبالتالي أقل فائدة وجودة. على سبيل المثال، إن موضوع «حرب النجوم»، وتحديداً، لعبة Rise of Skywalker» يعرض لعبة فيديو تظهر لقطات لأشخاص من لعبة «Pokémon Go» مصحوبة بعدد كبير من إعلانات عن عروض لقضاء العطلات من الشركة المنتجة نفسها للعبة التي من المفترض أنها اشترت معظم الإعلانات ودفعت مقابل امتياز لكي تظهر أكثر من منافسيها.
لذلك، لا يجد المستخدمون أنفسهم متحفزين للبحث عن الموضوعات بصورة مباشرة، لأن الموضوع يأتيهم تلقائياً من دون عناء البحث. لكن المشكلة هي أن عدم قدرة «تويتر» على استهداف المحتوى يتسبب في لبس كبير (على سبيل المثال، تستمر منصة «تويتر» في سؤالي عما إذا كنت أرغب في الاشتراك في موضوع «علم التنجيم» لمجرد أني كتبت تغريدة ذكرت فيها اسم نجم في السماء، وكنت أقصد الإشارة إلى أمر يتعلق بتكنولوجيا الفضاء وليس علم الفلك والتنجيم).
كذلك ترتكب «تويتر» خطأ في تنفيذ قائمة «موضوعات» بأن تعرض عليّ وعلى الملأ الاشتراك في قوائم موضوعات من المفترض أنها شخصية، وكان من الأفضل أن يكون هذا العرض خاصاً وعلى انفراد، ولذلك فإن نتائج الإعلان قد تكون عكسية.
حقق موقع «تويتر» عائدات تتخطى ثلاثة مليارات دولار العام الماضي، معظمها من الإعلانات، لذلك فهو ليس بالقطاع التجاري الهين. ولكن في الوقت نفسه، ظلت أعماله الإعلانية تعاني للدرجة التي جعلت توقعات بعض المعلقين لعام 2020 تبدو قاتمة. والأكثر من ذلك، أن ما يقارب ثلثي محللي أبحاث سوق المال «وول ستريت» لديهم «تصنيفات» على أسهم «تويتر» بسبب أرباحه الكبيرة، وليس ثقة في أدائه ومستقبله.
ولذلك أرغب في رؤية منصة «تويتر» وقد تجاوزت نموذج الأعمال المستندة إلى الإعلانات. ولكن إذا كانت الشركة ترغب حقاً في جعل إعلانات البيع تنجح على المدى الطويل، فإنه من الواجب عليها تشجيع المزيد من تجارب المستخدمين ذات المغزى التي يمكن أن تستخلص منها بيانات أكثر قيمة. ربما يعني ذلك تحسين تنسيق المحتوى، وتشجيع المزيد من التفاعلات الخاصة على المنصة. أعتقد أن سلوك بحث المستخدمين عبر المنصة كافٍ للكشف عن القدر نفسه من المعلومات، إذ إن أي شيء يبحث عنه المستخدم لأكثر من بضع مرات ربما يمثل اهتماماً حقيقياً. ولكن ربما أن مستخدمي «تويتر» العاديين يفضلون استعرض بيانات لا نهاية لها أكثر من القيام ببحث ذاتي يعكس اهتمامهم الحقيقي.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»