حسين الحكمي
أكاديمي سعودي
TT

اختلاف وتميز تعليمي

الكل يعلم أهمية التعليم وأثره الفاعل والمؤثر في تطور ونماء أي أمة أو دولة. من دون التعليم، من الصعب هذه الأيام على أي مجتمع أن يتقدم. لذلك تعمل الحكومات على دعم القطاع التعليمي بشكل كبير، وتضخ ميزانيات هائلة من أجل تطوير التعليم في بلدانها. على الرغم من أهمية الدعم المادي للحصول على نظام تعليمي قوي، فإن ما أظهرته نتائج تقييم «بيرسون» عن أفضل الأنظمة التعليمية في العالم لعام 2012 يفيد بأن ثقافة المجتمع حول التعليم تعد العامل الأقوى في التأثير على تطور التعليم.
تصدرت فنلندا العالم كأفضل نظام تعليمي لعام 2012، وتبعتها في المركز الثاني كوريا الجنوبية. من اللافت للنظر أن هناك اختلافا كبيرا بين النظامين التعليميين، وأسلوبهما في التطبيق العملي. لكنهما يشتركان في وعي المجتمعين وإيمانهما بأهمية التعليم وقيمته. كما أنهما يركزان وبشكل كبير على ثلاث مهارات أساسية يُقاس من خلالها مستوى وقدرات الطلبة والطالبات، وهي: القراءة، والرياضيات، والعلوم. كما يتفق النظامان على أن تطوير هذه المهارات هو الطريق الذي سيقود دولتيهما إلى التطور الاقتصادي والمجتمعي. تتفق الدولتان على أن من حق كل طفل مهما كان مستواه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي أن يحصل على أفضل مستوى تعليمي. وتتولى الحكومة في كلا البلدين مهام ومسؤولية النظام التعليمي، فلا يكاد يكون للقطاع الخاص ذاك الدور المؤثر والكبير في العملية التعليمية كما يحصل في بعض البلدان الأخرى عندما يكون التعليم الخاص هو المطلب لأنه أفضل بالمقارنة مع التعليم الحكومي. ومن أجل وجود العدالة الاجتماعية في مسألة التعليم فإن الحكومة الفنلندية تشترط على تلك المدارس البسيطة أن تلتزم بنفس المناهج التعليمية التي تُدرّس في التعليم الحكومي. كما يجب عليها أن تطبق نفس الأنظمة المتبعة في التعليم الحكومي. ولأن التعليم أمر مهم فإن المدارس الخاصة تحصل على دعم مادي مساو لما تحصل عليه المدارس الحكومية.
اختلاف ثقافات الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم وأساليب تطبيقهم للعملية التعليمية لا يمنع نجاح تلك الأنظمة التعليمية. المهم أن يتم العمل على العوامل الأساسية التي تؤثر على التعليم، ومن ثم التركيز عليها وتطويرها. هذا ما وعته ونفذته كلا من فنلندا وكوريا الجنوبية خلال السنوات الأربعين الماضية، وهذا ما جعلهما دولتين مضرب مثل في التعليم النموذجي هذه الأيام.