علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

المراجعة

تصدر حكومات الدول العربية قوانين وأنظمة هدفها تنظيم حياة الناس أو تخفيف عبءٍ معين عن الدولة، وتختلف استجابة الشعوب لهذه الأنظمة والقوانين، فهناك شعوب تقبلها بمضض وتصبر عليها، وهناك شعوب عربية ترفضها بعنف؛ ولكلٍ أسبابه.
ففي تونس حينما رفعت الحكومة سعر الخبز احتج التوانسة ونزلوا إلى الشارع، ما اضطر الحكومة التونسية لإلغاء قانون رفع تسعيرة الخبز. وفي مصر رفعت الحكومة المصرية في السبعينات أسعار السلع الاستراتيجية مثل الدقيق، والسكر، والشاي، والزيت... إلى آخر القائمة، فنزل المصريون إلى الشارع واضطر الرئيس الأسبق أنور السادات إلى إلغاء الزيادة. هذه الشعوب تعاملت مع التغييرات التي تمس قوتها بالرفض والاحتجاج، ولها سببها وهو القلة وضعف الأجور.
في دول الخليج، حيث توصف بأنها دول الرفاهية مقارنة بغيرها من الدول العربية وبسبب النفط، يوصل الناس عدم ارتياحهم لقانون معين بطرق راقية، منها مكاتبة الوزير المختص أو مشافهته لتبيين أضرار قرار ما على مصالحهم، وبدوره يرفع الوزير المختص ما اجتمع لديه من آراء بالإضافة إلى رؤيته للحكومة، وأحيانا تتضمن رؤية الوزير دراسة عن الآثار المترتبة على القرار بعد تطبيقه.
وأحيانا يوصل الناس ما أصابهم من أضرار لرأس الدولة عبر الكتابة أو المشافهة، بالإضافة إلى استخدام المنابر الإعلامية لتوصيل ما أصابهم لمتخذ القرار، وأنتم تعرفون أن الوزارات ترصد ملاحظات الإعلام على أدائها، إضافة إلى طرق أخرى، وتعودنا في الخليج استجابة الدولة السريعة لهذه الآراء وتصحيح الوضع بسرعة تناسب الحدث.
السعودية ليست بدعاً من دول الخليج، فهي تراجع قوانينها لتناسب حاجات المجتمع. وقد أصدرت الحكومة في الآونة الأخيرة قراراً برفع رسوم العمالة الوافدة بشكل متدرج، وفي ظني أن الحكومة السعودية تهدف من جراء ذلك لأمرين، الأول، زيادة دخل الحكومة، وثانياً، إجبار أرباب العمل على توطين الوظائف وشغلها بسعوديين.
ولكن هذا أثر سلباً على الشركات التي أوصلت صوتها فاستجابت الحكومة للقطاع الصناعي وأعفته من الرسوم لمدة خمس سنوات، وأنتم تعرفون أن القطاع الصناعي مهم لأي بلد.
في المقابل ينتظر بقية أرباب العمل في بقية القطاعات، مثل القطاع الخدمي أين كان، أو التسويق، أو الصيانة أو غيرها، أن يشملهم القرار، وفي أقل تقدير أن تخفف عنهم الرسوم لدفع الحياة في أنشطتهم، في ضوء توقع ركود عالمي إن حدث فسيشملنا... الأمر الذي يقتضي من الوزراء المختصين دراسة الآثار المترتبة على رفع الرسوم ورصد الأثر الإيجابي والسلبي والرفع عنها لمتخذ القرار.