بوبي غوش
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
TT

عثرات إردوغان ونهوض أوغلو

لا يزال من المبكر إعلان أكرم إمام أوغلو «إردوغان الجديد»، لكن استعداد أعداد كبيرة للغاية من الأتراك والمتابعين للشأن التركي للقيام بذلك ينبغي أن يثير قلق «إردوغان القديم». للمرة الأولى على امتداد ما يقرب من عقدين، يقف أمام الرئيس رجب طيب إردوغان، منافس سياسي يملك قدرة مؤكدة على حشد الناخبين، في الوقت الذي يتحمل إردوغان وحده ذلك.
لو أن إردوغان لم يصر على إعادة الانتخابات على منصب عمدة إسطنبول، لكان إمام أوغلو اليوم مجرد شخص نجح في التسلل إلى منصب عمدة إسطنبول من خلال 14000 صوت في وجه منافسه من حزب العدالة والتنمية القوي الذي يتزعمه إردوغان، بجانب جماعات معارضة أخرى. بدلاً من ذلك، أصبح بإمكان إمام أوغلو اليوم التباهي بتحقيقه فوزاً انتخابياً ساحقاً، بهامش تجاوز 800000 صوت، وبدعم من تحالف مناهض لحزب العدالة والتنمية.
وتعد النتيجة صفعة مدوية لإردوغان الذي جاء رد فعله متمثلاً في تحذير العمدة الجديد من أنه قد يمثل للمحاكمة لإهانته المزعومة لحاكم إقليمي. وفي حال سجنه، سيفقد إمام أوغلو منصبه.
في هذه الانتخابات، خسر إردوغان ما يتجاوز مجرد ماء الوجه، وإنما كذلك أكبر مدن تركيا - إسطنبول - التي تعتبر المحرك الاقتصادي للبلاد نظراً لأنها تشكل ثلث إجمالي الناتج الداخلي وخمس السكان وربع الإنفاق العام. تجدر الإشارة إلى أنه خلال الفترة من منتصف حتى أواخر عقد التسعينات تمكن إردوغان نفسه من استغلال توليه منصب عمدة إسطنبول - الدائرة الانتخابية الأهم في البلاد - كمنصة انطلاق نحو الزعامة الوطنية.
وتلفت التشابهات بين المسيرة السياسية للرجلين عند هذه المرحلة الانتباه. عام 1994، كان إردوغان سياسياً كاريزمياً في أعين كل من المحافظين الدينيين وجيل جديد من الأتراك يتطلع نحو مزيد من الفرص الاقتصادية بجانب الحريات الديمقراطية التي ينعمون بها. وبالمثل، يعتبر إمام أوغلو سياسياً كاريزمي الشخصية يبلغ 49 عاماً ويجذب إليه أصوات جيل جديد أصابه السأم من الجمود الاقتصادي ويشعر بالقلق حيال انحسار الحريات الديمقراطية. كما أنه أظهر مرونة آيديولوجية من الممكن أن توسع قاعدة شعبيته لما وراء الطبقات الحضرية العلمانية إلى داخل المعاقل الدينية المحافظة.
وجاء قفز إردوغان من منصب عمدة إسطنبول إلى الزعامة الوطنية بفضل قوة حزب العدالة والتنمية. في المقابل، لا يحظى حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه إمام أوغلو بأي من هاتين الصفتين، ويبدو الحزب اليوم نسخة باهتة من الحزب الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك.
المؤكد أن إمام أوغلو سيتعرض لتربص في كل لفتة من جانب زعيم حشد السلطة التنفيذية بأكملها في يده، وهو ما يعطيه القدرة على تقويض الأجندة الاقتصادية للعمدة.
في المقابل، يملك إمام أوغلو عدداً من السلع السياسية القيمة للغاية: المصداقية والشرعية والزخم. وأصبح يحظى اليوم باحتفاء دولي لا يتمتع به سوى عمدة مدن عالمية كبرى مثل نيويورك ولندن. وإذا نجح أوغلو في استغلال هذه المزايا بمهارة، فإنه قد يتمكن من بناء قاعدة ناخبين وطنية له تحمله إلى الرئاسة.
أيضاً، سيستفيد إمام أوغلو من استمرار وقوع إردوغان في عثرات سياسية. وسيكون من بينها مضيه في تعهده باتخاذ إجراءات قانونية ضد العمدة المنتخب حديثاً. عام 1998، تعرض إردوغان نفسه للعزل من منصب العمدة والسجن لاستشهاده بأبيات من الشعر في خطبة سياسية، الأمر الذي اعتبر تحريضاً على الكراهية الدينية. الواضح أن اضطهاد عمدة يحظى بالشعبية يسهم في جعله شخصية وطنية أكثر نفوذاً.
وإذا لم يتعلم إردوغان من ماضيه، فإنه من المحتمل أن يواجه تحدياً خطيراً من قبل إمام أوغلو في المستقبل القريب.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»



عاجل علي خامنئي يدعو الإيرانيين إلى عدم القلق ويقول «شؤون الدولة لن تتعطل»