خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

النائب وخدماته

قلما يقوم النواب في معظم البلدان العربية البرلمانية بأي خدمات مباشرة لناخبيهم. ولكنهم في دول الديمقراطيات الغربية يتحملون مسؤولية أداء مثل هذه الخدمات، وإلا فلن يعيد أحد انتخابهم. ومن المعتاد أن تكون لهم مكاتب خاصة يستقبلون فيها ناخبيهم للاستماع إليهم ومحاولة مساعدتهم. وتعطي اعتياديا الحكومات الغربية نفقات هذه المكاتب ورواتب السكرتيرات العاملات فيها. ومن الطريف أنهم في بريطانيا يسمون هذه المكاتب «العيادة» (SURGERY).
كان النائب جوناثان سييد نائباً عن مدينة بريستول عندما لاحظ أحد رجال الشرطة سيارته وهو يقودها بسرعة جنونية تجاوزت مقدار السرعة المحددة للطرق السريعة. لاحقه الشرطي على دراجته النارية حتى لحق به وأوقفه. بادره قائلا:
هل تعلم يا سيدي ما هي السرعة التي كنت تسير عليها؟
«آسف يا حضرة الشرطي. ولكنني اضطررت إلى ذلك بسبب تأخري عن العيادة».
وهنا حياه الشرطي بأدب وتركه يواصل سفرته قائلاً: «آسف يا دكتور. الحق بالعيادة. كل هؤلاء المرضى الذين ينتظرون فحصهم ومعالجتهم».
لم يخطر للشرطي أن كلمة سرجري في لغته، اللغة الإنجليزية، تعني عيادة طبيب وكذلك تعني مكتب نائب في البرلمان.
هكذا فلت جوناثان سييد من العقوبة بالطريقة الإنجليزية الأصيلة. نعم. عدم الكذب ولكن...
لا يذهب كل الناخبين إلى عيادة النائب في منطقتهم. منهم من يفضل الكتابة إليه وعندئذ يتعين عليه الاستجابة والقيام باللازم. بيد أن نائباً من قدماء النواب أبدى رأياً لئيماً في ذلك عندما دخل باري شيرمان مجلس العموم فصادف ذلك النائب العجوز الذي أمسكه من ذراعه وهمس في أذنه هذه النصيحة: «اسمع يا ولدي! إنني في هذا المجلس منذ عام 1945. استمتعت بنيابتي باتباع هذه القاعدة الذهبية. احذر من الإجابة على رسائل الناخبين، فذلك سيشجعهم على إرسال المزيد من الرسائل إليك».
مما يستحق الإعجاب في الحياة الديمقراطية في العالم الغربي الروح الرياضية التي يبديها الفائز والخاسر على السواء عند إعلان نتيجة الانتخابات.
وهو ما أبداه كالمعتاد المستر جيرالد فورد الذي نافس جيمي كارتر في الانتخابات الأميركية قبل سنوات. وقد صرف الكثير وبذل الكثير من المال ولكنه لم يفز فيها. ما أن جرى إعلان النتيجة النهائية للانتخابات بفوز جيمي كارتر عليه حتى وقف ليلقي كلمته. بدأ بتهنئة خصمه المستر كارتر على الفوز ضده ثم مضى فقال معترفا: «هذا هو رأي الناخبين. وليس لي غير أن أحترم رأي كل هؤلاء الناخبين أولاد الـ...!».