مارك شامبيون
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

حرب أوكرانيا.. وضرورة إمدادها بالسلاح

هل ينبغي على منظمة حلف شمال الأطلسي أن تبدأ في تسليح أوكرانيا؟ هذا سؤال لا مفر منه بعد دخول القوات الروسية النظامية ودباباتها ومدفعيتها في القتال الدائر هناك.
وكان الجواب البديهي لعدد من الأوكرانيين (والروس الليبراليين) في مؤتمر هذا الأسبوع في سالزبورغ بالنمسا: بالطبع يجب على حلف شمال الأطلسي أن يرسل الأسلحة. ليس لأن ذلك عادل فحسب – ولكن لأن الولايات المتحدة والقوى الأوروبية وقعت على ضمانات أمنية لأوكرانيا عام 1994 في مقابل أن تتخلى حكومة كييف عن ترسانتها النووية الكبيرة - بل لأن ذلك من شأنه أيضا أن يوازن التهديد.
وصف أندريه إيلاريونوف، وهو كبير المستشارين الاقتصاديين السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والآن يعد من بين أشرس منتقديه، كيف مرر البرلمان في موسكو تشريعات لتكريس رؤية بوتين «عالم روسي» جديد يمتد من منتصف أوكرانيا إلى شمال كازاخستان. وللمساعدة على تحقيق هذا الحلم الإمبريالي، تؤكد موسكو على الحق في التدخل عسكريا لصالح الناطقين بالروسية خارج حدودها. وقال «النتيجة الوحيدة ستكون الحرب».
إن كل نجاح عسكري روسي سيفتح الشهية أكثر وسيجذب المعجبين بأسلوب بوتين في ذات الوقت. وقد بدأ بالفعل زعيم المجر، فيكتور أوروبان، الحديث عن استحضار نهج بوتين السلطوي مقارنة بالضعف الملموس وتراجع الديمقراطيات الليبرالية.
لست متأكدا. أوضحت الولايات المتحدة وأوروبا أنهما لن تدخلا في حرب ضد روسيا - القوة النووية العظمى - للدفاع عن حدود أوكرانيا. ربما لا يكون ذلك عدلا، ولكنه عقلاني. وبغض النظر عن عدد الأسلحة التي تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بإمدادها لأوكرانيا، فستقوم وروسيا بنشر أكثر منها، مدعمة بقوات مدربة بشكل أفضل.
إن التطور المنطقي لبرنامج تسليح الناتو لأوكرانيا سيكون صراعا أوسع نطاقا. وقد يمضي بوتين قدما، مع علمه بأن حلفاء أوكرانيا لن يستمروا في دعمها في نهاية المطاف. وقد تتغير الحسابات إذا قرر بوتين أن يدفع بجيشه في عمق أوكرانيا بصورة أكبر - مدركا المخاوف من حدوث صراع أوسع نطاقا وارتفاع حدة المخاوف الأمنية لدى دولة بولندا المجاورة. ورغم ذلك يبدو الآن أن برنامج الأسلحة الرسمي غير حكيم.
وفي ظل غياب أي رغبة للدخول في الحرب من جانب حلف شمال الأطلسي، يبدو أن أقوى سلاح ضد مغامرة بوتين هو السلاح الاقتصادي على المدى الطويل. قد تجعله العقوبات الاقتصادية الحقيقية، التي تدخل الاقتصاد الروسي في ركود عميق، يعيد النظر في المدى الذي يريد الذهاب إليه في أوكرانيا، أو ما إذا كانت هذه الحرب ستتكرر في أماكن أخرى. كما يمكن أن تؤثر إشارات واضحة بشأن تضرر الأمن الروسي على نطاق أوسع. فعلى سبيل المثال، قبل هذا العام، كان هناك الحد الأدنى من دعم شعبي طفيف لفكرة الانضمام لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا ولم يكن هناك طائل جراء الدفع بهذه الفكرة داخل الحلف. إن ضمان عدم الانضمام إلى التحالف يمكن أن يكون جزءا من أي تسوية، ولكن العضوية يمكن أيضا أن تعود إلى جدول الأعمال إذا استمر بوتين. وبالمثل، قررت فنلندا والسويد، غير الأعضاء، هذا الشهر توقيع اتفاق مع الناتو من شأنه أن يسهل على قوات التحالف الانتشار على أراضي الدولتين. ولا يرحب الكرملين بأي من هذه التطورات.
ومن المتوقع أن تسهل قمة حلف شمال الأطلسي الأسبوع المقبل اتخاذ بعض القرارات المهمة. على سبيل المثال، ما هو مستوى القوات التي يجب أن يدير دفة «الإصرار» من خلال قواعد لوجيستية المزمع نشرها في بولندا ودول البلطيق؟ (الجواب: الكثير). يجب على الناتو أيضا أن يقرر مقدار المال الذي ينبغي وضعه في الصناديق الاستئمانية الأربعة المقترحة والمخصصة لمساعدة أوكرانيا على تغطية تكاليف التدريب العسكري، والدفاع الإلكترونية، والخدمات اللوجيستية، وغيرها من الاحتياجات. (الإجابة نفسها: الكثير). يجب على الولايات المتحدة وأوروبا أن تلوحا لبوتين بكل الإشارات الممكنة التي تدل على أنهم مستعدون لضمان بقاء أوكرانيا كدولة، باختصار الحرب.
وإذا أثبت إيلاريونوف والمتشائمون الآخرون الذين يقارنون روسيا تحت حكم بوتين بألمانيا في أواخر الثلاثينات بأنهم على حق (وأنني مخطئ)، لا يمكن استبعاد الحرب خارج هذه المعادلة. ورغم ذلك فلبوتين في الوقت الراهن أن يقرر إلى أي مدى يريد أن يمضي في إشعال حرب باردة جديدة، وبأي ثمن.
* بالاتفاق مع {بلومبيرغ}