د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

ترمب و«إخوان» البنا

الحديث عن خطة أميركية لتصنيف «الإخوان المسلمين» «تنظيماً إرهابياً» يطرح سؤالاً عن مدى الجدية لدى الإدارة الأميركية بدوائرها المختلفة على المضي في هذا الأمر، خاصة وهي مكبلة بجيوش من المستشارين المخترقين من تنظيم «الإخوان»، مثلها مثل الحكومة البريطانية، حتى أضحى هؤلاء الشياطين أشبه بالدولة العميقة في بلاد الغرب.
رغم أن الرئيس ترمب أعلن أنه يقترب من إعلان «جماعة الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية، فإن هذا الاقتراب الذي أعلن عنه لا نعرف مسافته وحجمه، ومدى مساحة الابتزاز في الإعلان. الأمر الذي يخشاه بعض المحللين، في ظل البراغماتية الأميركية، وفي ظل شكوك وشبهات عن تورط المخابرات الأميركية وبعض أجهزة الدولة الأميركية بالتنظيم، ضمن تقاطع مصالح في فترات سابقة، ولعل هذا ما يفسر التردد في إعلان التنظيم والجماعة تنظيماً إرهابياً، رغم انتفاخ ملف الجماعة بالأدلة على تورطها في الإرهاب.
رغم تقاطع المصالح فإن على الإدارة الأميركية النظر لخطر التنظيم أمنياً على أميركا، قبل أن يكون للتنظيم أي نفع سياسي قد تستخدمه الإدارة الأميركية في مشروعاتها؛ حيث استغرق السجال الأميركي الكثير من الوقت، رغم وجود الكثير من الدلائل على خطر هذه الجماعة وتنظيمها على الأمن القومي الأميركي، ناهيك عن تهديد السلم العالمي، ولكن استغراق السجال الأميركي كل هذا الوقت ليس في مصلحة الأمن القومي الأميركي بالدرجة الأولى، وإن كان يظن أنه يخدم الموقف السياسي أو الاستفادة من أموال الجماعة عبر ابتزازها.
لذا كان التذبذب الأميركي بين توجيه ضربة عسكرية للتنظيم كما كان يردد ترمب في انتخابه، وبين احتوائه سياسياً، مثلما فعل باراك أوباما وهيلاري. فاستمرار الإدارة الأميركية جعل الباب موارباً في ملف تصنيف الجماعة الضالة جماعة إرهابية، والاكتفاء فقط بالتلويح والتهديد بإدراجها، دون التقدم قيد أنملة في ملف إدراجها كتنظيم وجماعة إرهابية، يطرح الكثير من الأسئلة والشكوك، التي ليس مستثنى منها «الابتزاز» السياسي، الذي اعتاد عليه الرئيس ترمب، إلا أنه هذه المرة يبدو أن هناك خطراً كبيراً على الأمن القومي الأميركي، والتلاعب بهذا الملف سيكون خطيراً جداً.
تنظيم «الإخوان المسلمين» الإرهابي هو تنظيم سياسي عسكري، لا يتردد في التحالف مع الشيطان لتمرير أي مشروع له، بل لا يتردد في التضحية بأعضائه إذا اقتضت المصلحة والضرورة ذلك، التنظيم الذي شهد ولادته الساعاتي حسن البنا سنة 1928 في مصر، المرشد الأول له، الذي اغتيل في 12 فبراير (شباط) 1949.
حسن البنا لم يكن خريج جامعة فقهية، ولا يحمل تعليماً عالياً، إنما تتلمذ في بداية حياته على يد الشيخ عبد الوهاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية.
حسن البنا مؤسس ومرشد الجماعة الضالة الأول، الكاره للوطنية والقومية، إذ قال بالفم المليان: «وجه الخلف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة، وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية، فكل بقعة فيها مسلم وطن عندنا». وهذا ما يفسر خيانة أعضاء الجماعة لأوطانهم «الجغرافية» وفق فتوى التصنيف والتوصيف للبنا في ضلالاته، المعلن عنها في رسائله، التي تعتبر بمثابة دستور للجماعة، لا يمكن الخروج عليه، وهي مجموعة رسائل خليط من التلبيس وتزييف الحقيقة، خلطها بمجموعة من الضلالات والتفسيرات الخاطئة لمنهج أهل السنة والجماعة.
أعتقد أن على العالم أن يستشعر خطر هذه الجماعة الضالة، التي لن تقف عند ضلالاتها، بل تعدت ذلك إلى تصدير الإرهاب وتهديد السلم العالمي، ما يتطلب تكاتفاً دولياً واتخاذ خطوة شجاعة، كالتي اتخذتها بعض المجتمعات والدول بتصنيف هذه الجماعة السرطانية جماعة إرهابية، وحظرها ووضعها على قائمة التنظيمات الإرهابية، بعد أن اكتوت بنيران إرهابها.