ستيفن ميهم
TT

الهجرة وأهميتها لأرباح الاستثمارات

تشير غير دراسة أُجريت حول الهجرة إلى الفوائد الإيجابية الجمة للمهاجرين على اقتصاد البلاد وأن إسهاماتهم تتعاظم بتوالي الأجيال منهم.
وتلك هي رسالة أحد الأبحاث الجديدة التي تُعنى بالنظر في الآثار الممتدة لموجة الهجرات الأولى من الوافدين الجدد إلى الولايات المتحدة في الفترة بين عام 1850 إلى عام 1920. وكان هؤلاء الوافدون الجدد قد وردوا أراضي العالم الجديد بالقليل للغاية من التعليم والمهارات والخبرات. ورغم ذلك، يبدو أن هجرتهم قد عادت بالخير الجم الوفير، ولا تزال، على البلاد والعباد بعد مرور ما يزيد على قرن كامل من الزمان.
وصاغ خبراء الاقتصاد الذين أشرفوا على الدراسة المشار إليها تحليلاً أقرب إلى الدقة من خلال التعويل على العلاقة الإحصائية القوية للغاية والتي تربط بين متغيرين لازمين يحددان ماهية المجتمعات داخل الولايات المتحدة: كثافة روابط السكك الحديدية، وتدفقات المهاجرين الجدد.
بعبارة أخرى، أظهرت الدراسة أن المجتمعات الأميركية الأولى ذات المستويات الأعلى من الربط بالسكك الحديدية حازت المعدلات الأعلى من تدفق المهاجرين. ومكّنت هذه الحقيقة مؤلفي الدراسة من صياغة نموذج للتنبؤ بعدد المهاجرين وفقاً للمقاطعة التي قصدوها – من دون الحاجة إلى استكمال المهمة المستحيلة بالتحقق من التعداد السكاني الأول وحساب كل ساكن من الوافدين الجدد على البلاد.
ولم يكن أغلب هؤلاء المهاجرين يملكون ما يكفي من التعليم أو الخبرات أو المهارات، كما هو واضح من الدراسة التي حاول مؤلفوها تقييم مجموعة من التدابير قصيرة ومتوسطة الأمد للآثار الاقتصادية الحيوية التي خلّفها أولئك المهاجرون. وخلص الباحثون إلى ارتفاع معدلات التصنيع في الأماكن التي رحبت بالوافدين الجدد وما تبع ذلك من ارتفاع مستويات الابتكار (على النحو المُقاس من خلال تسجيل براءات الاختراع في حينها)، مع ارتفاع الإنتاجية الزراعية وما تمخض عنه من زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
بيد أن نتائج الدراسة المثيرة للاهتمام فعلاً تتعلق بالزمن الحاضر. استناداً إلى البيانات الجغرافية الخاصة بالهجرات التاريخية، انطلق مؤلفو الدراسة إلى زيارة نفس المقاطعات اليوم التي استقبلت جموع المهاجرين في الماضي، وطرحوا السؤال التالي: كيف كان تأثير وصول المهاجرين قبل قرن من الزمان على المستويات الراهنة المعاصرة من الحيوية الاقتصادية، وعلى مستويات الجريمة، وعلى التدابير الاقتصادية والسلامة الاجتماعية؟
وخلصوا من إجابة هذا السؤال إلى: «أسفرت الهجرات التاريخية عن ارتفاع هائل في مستويات الدخل، والتحضر، والتحصيل التعليمي، وانخفاض ملحوظ في معدلات الفقر، والبطالة اليوم».
ولفهم هذه الآثار ينبغي تصور إحدى المقاطعات المتوسطة التي لفظت المهاجرين الجدد في الفترة التاريخية الحرجة ما بين عامي 1850 و1920، ثم مقارنة ذلك بمقاطعة متوسطة أخرى رحبت بهم (ونعني بكلمة «متوسطة» تلك المقاطعة التي التزمت الموقف الوسط فلا هي استقبلت المهاجرين كافة ولا هي لفظتهم).
وخلص الباحثون اليوم إلى أن تلك المقاطعة التي رحبت بالمهاجرين لديها 2% أقل من السكان تحت خط الفقر من المقاطعة الأخرى التي لم ترحب بالمهاجرين في المقام الأول. كما أن المقاطعة الأولى تحظى بنقطتين مئويتين أقل من معدلات البطالة اليوم، كما أن نصيب الفرد فيها من الدخل هو أعلى بنسبة 13% من سواها.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد خلص الباحثون إلى أن المجتمعات ذات المستويات المرتفعة من الهجرة التاريخية، لديها معدلات أعلى قليلاً من الناخبين، وأعداد أعلى قليلاً من الجمعيات الاجتماعية غير الهادفة للربح التي يعكس وجودها صحة نسيج الحياة المدنية في المجتمع وسلامته، مع مستويات متقاربة من ارتكاب الجرائم. ولم يشر أي من الأدلة إلى أي آثار سلبية تُذكر على أيٍّ من المتغيرات المسجلة.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»