علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

شعلة البنوك

استمع إلى المقالة

في الألعاب الأولمبية عند افتتاحها يأتون بلاعب قديم ومميز أو لاعبة قديمة ومميزة، وأحياناً يأتون بلاعب ناشئ مميز، ليُشعل شعلة الأولمبياد تحفيزاً له ولمن هم في سنِّه لبذل مجهود أكبر في لعبتهم.

في سوق الأسهم السعودية، البنوك السعودية هي اللاعب المميز في السوق، فهي في الغالب الأفضل إدارة، وأسهمها يُقبل عليها المستثمرون بشدة، ويندر أن تجد محفظة مستثمر واعٍ تخلو من أسهم البنوك، بل ستجد في محفظته وزناً مهماً في أسهم البنوك، كما أن البنوك عامل مهم في التنمية، فهي تحفظ الودائع وتُموّل المشاريع مما يفتح الفرص الوظيفية.

لذلك هي لاعب مميز في السوقين؛ سوق الأسهم، وسوق التمويل، ومع ذلك لا نجدها تُبادر حينما سمحت هيئة سوق المال السعودية بجعل القيمة الاسمية وفق رغبة الشركة، فقامت بعض الشركات من خارج قطاع البنوك بتحديد القيمة الاسمية لسهمها بريال واحد، ما يعادل 27 سنتاً، بينما كان المتوقع أن تحمل البنوك شعلة التعديل، وتكون هي المبادرة بتعديل القيم الاسمية لأسهمها لتصبح ريالاً واحداً.

أتوقّع أن سبب التأخير لا يعود لعدم رغبة البنوك في خفض القيمة الاسمية لأسهمها من عشرة ريالات إلى ريال واحد، وإنما يعود ذلك لرغبة البنوك في الانتظار لحين إعلان ميزانياتها السنوية، وبعدها تأخذ موافقة هيئة سوق المال السعودية على الخفض، ثم تعرضه على الجمعيات العامة التي عادة ما تعقد خلال الربع الأول من كل عام، وسبب التأخير عدم رغبة البنوك في عقد أكثر من جمعية في عام واحد، وأعتقد أن ذلك سبب مقنع.

لا سيما أن البنوك تعلم أن التغيير إجرائي، ولا يُغير في رأس المال، ولا يُغير في مؤشرات الربحية، والتغيير الوحيد هو زيادة عدد الأسهم، فلو فرضنا أن بنكاً رأسماله 40 مليار ريال حالياً فإن عدد أسهمه إذا كانت القيمة الاسمية عشرة ريالات، 4 مليارات سهم، وإذا تغيّرت القيمة الاسمية إلى ريال واحد فإن عدد الأسهم سيصبح مساوياً لرأس المال، أي 40 مليار سهم.

والبنوك وغيرها من الشركات تعرف أن هناك عاملاً نفسيّاً يجذب متعاملين جدداً للسوق؛ لأنه إذا انخفضت القيمة الاسمية للسهم فإن القيمة السوقية تقل بحكم قسمتها على عشرة أسهم، فلو افترضنا أن سهم شركة قيمته السوقية 80 ريالاً فإن قيمته السوقية ستصبح 8 ريالات بعد تعديل القيمة الاسمية لريال واحد.

كما أن مؤشرات السوق ستتغير، فتزداد كمية الأسهم المتداولة، وقد ترتفع القيمة السوقية قليلاً بحكم التوقع بدخول مستثمرين جدد، ولتوقع زيادة الشراء بحكم تدني القيمة السوقية للسهم؛ لذلك يكون الارتفاع مؤثراً حتى لو كان قليلاً.

سننتظر حتى الربع القادم من العام المقبل لنرى هل ستأخذ البنوك شعلة المبادرة، وتُخفض قيم أسهمها الاسمية؟ أرجو أن يتم ذلك للبنوك ولجميع الشركات، فعمل كهذا في مصلحة السوق. ودمتم.