ليونيل لورانت
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

«بريكست»... فكرة قد تتحطم

إن فهم اتجاه الرأي العام بصورة أفضل من فهم نتائج استطلاعات الرأي أو تصريحات الساسة يمكن أن يعود عليك بالكثير من المال. هذا ما أثبته كريسبين أودي، المؤيد الأكبر للخروج من الاتحاد الأوروبي «بريكست» عندما كسب رهان أن المملكة المتحدة ستصوت لصالح الخروج من الاتحاد.
من المهم أن يقول مدير صندوق التحوط الآن إنه يراهن على أن الجنيه الإسترليني سينتعش على اعتبار أن «بريكست» لن يحدث، مما يعنى أيضاً أن حتى أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي قد تعلموا درس الصفقات الخاسرة بعد أن رأوا بأعينهم إحداها. فالتجارة تعتمد على أحداث تتعلق ببرلمان بريطانيا المتعنت دوماً والمقرر أن يصوت بعد يومين على صفقة رئيسة الوزراء تريزا ماي الخاصة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. وقد جادلت رئيسة الوزراء بأن الاتفاق الذي أبرمته يمثل السبيل الوحيد أمام المملكة المتحدة للخروج من دون الفوضى الذي يمكن أن يحدثها «الخروج من دون إبرام اتفاق». وفي سبيل ذلك، اصطف القادة الأجانب ورجال الأعمال لمساندة استراتيجية ماي التي يمكن أن نطلق عليها «عرض المرة الواحدة»، فقد اتجه التفكير إلى أن ما يفيدها سيفيد بالتالي الجنيه الإسترليني.
بيد أن أودي وكذلك زميله المساند لـ«بريكست»، بيتر هيرغريفز، يقرآن ما يجري في البرلمان بصورة مختلفة. ففي مقابلة مع وكالة أنباء «رويترز»، قال أودي إنه متفائل حيال صعود الجنيه الإسترليني، حيث يرى أنه ربما يرتفع ليصبح سعر الدولار الأميركي أمامه 1.32 أو ربما 1.35، علماً بأن سعر الدولار أمام الإسترليني اليوم 1.28، ذلك لأنه يعتقد أن مقترح «بريكست» سيتحول إلى «خردة». يتفق هيرغريفز مع هذا الرأي، فقد صرح لوكالة «رويترز» بأنه كان يمر «بحالة يأس شديدة». إن نظرة الاثنين لمفهوم الفوضى لا تنحصر في مفهوم «اتفقنا أم لا»، بل في «الخروج أم البقاء»، ولخيار البقاء ضمن المنظومة الأوروبية فرصة أفضل في الفوز.
فهما يتبنيان وجهة نظر مفادها أن دعائم مساندة «بريكست» تتهاوى، حيث بات أعضاء البرلمان من المحافظين والوزراء يميلون وبدرجة متزايدة نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون شبكة أمان، وأصبح الرأي العام أكثر تردداً بشأن المفاضلة اقتصادياً بين الخروج من السوق الوحيدة وتعطيل حرية الحركة بين دول الاتحاد.
ويتوقع هيرغريفز أن تأخير موعد الخروج من الاتحاد سيعقبه استفتاء ثانٍ سيفوز به أنصار البقاء. لكن أصحاب هذا التوقع بالغوا في الثقة. فقد أشارت استطلاعات الرأي إلى انتصار أصحاب خيار البقاء قبل استفتاء عام 2016.
لكن خبراء المال يرون أن عنصر حساب المخاطرة قد تغير، فكلما زاد ارتباك صفقة ماي زادت فرصة تقليل الخسائر الاقتصادية وزاد الدعم للجنيه الإسترليني. والدليل هو ما حدث عندما ارتفعت قيمة الإسترليني في بورصة «إيفينينغ ستاندارد» بمجرد ذيوع خبر احتمال تأجيل مجلس الوزراء تنفيذ «بريكست» الجمعة الماضي.
يبدو أن بعض أنصار «بريكست» الكبار قد استيقظوا فجأة على فكرة أن الرهان المربح في عام 2019 هو عكس ما كان في 2016. ليس عليك أن تعتقد بأنه يجب أن تتحطم فكرة «بريكست» بالكامل لتراهن على ارتفاع الجنيه الإسترليني، لكن حدوث شيء من ذلك قد يساعد.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»