د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

الدور العربي في سوريا

سوريا العربية التي كانت في يوم ما من أكبر دول المواجهة العربية مع إسرائيل، وجيشها من أقوى الجيوش العربية، اليوم يتم تهميشها ويهمش العرب دورهم تجاه سوريا وقضيتها وعما يجري فيها؛ فمنذ 7 سنوات وسوريا تطحنها حروب دامية أدت إلى هجرة الملايين من شعبها، وأصبحت اليوم رهينة لدول أجنبية مثل إيران وتركيا وروسيا وأميركا تقرر مصيرها، وتصوغ لها الدساتير، وتعقد لها المؤتمرات، في ظل غياب عربي ليس له ما يبرره، ويتم فيها تقسيم الكعكة السورية، في ظل مشهد واضح أمام العرب.
إننا كعرب أصبحنا اليوم أمام موقف عربي غريب لا يمكن تفسيره. لا نريد في يوم ما كعرب أن نصيح ونبكي على اللبن المسكوب عندما يتم تقسيم سوريا بين دول أجنبية، وتصبح هناك مناطق نفوذ خاصة بإيران، وأخرى خاصة بتركيا، ومناطق خاصة بروسيا وأميركا، ونكون بذلك أمام «سايكس بيكو» جديدة، حيث يتم تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ في كل الدول العربية، ويصبح الجيل العربي بلا هوية.
وما يُعقد عليه الأمل أن أصبح لدينا اليوم محور التنوير والرشد والاعتدال، متمثلاً خصوصاً في التحالف العربي الذي أوقف تمدد النفوذ الإيراني في اليمن، والذي ضم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية ومملكة البحرين ومصر، المحور الجدير بالتقدير والاحترام، الذي لو لم يتم تداركه لليمن لنجحت إيران فيه، وهي العامل المشترك الأكبر في أزمات العرب، وهي الساعية إلى إخراج العرب من المعادلة تماماً، حيث فعلت ذلك في لبنان والعراق وسوريا، لكنها فشلت تماماً في أن تفعل ذلك في اليمن، فالعرب في حاجة ماسة إلى استعادة حضورهم في قضاياهم وقضايا العالم كله، واستعادة التضامن والعمل المشترك في محاولة ربما تكون أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فلا بد من التمسُّك به نحو توسيعه، بالتزامن مع وعي بأن الأسلوب العربي الحالي غير مجدٍ، واقتراح صيغة عربية جديدة قادرة على مواجهة كل التحديات والرهانات.
ومهّدت دولة الإمارات العربية بخطوة جريئة، عندما فتحت سفارتها في دمشق، حيث علق أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي على هذه الخطوة قائلاً: «قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بعودة عملها السياسي والدبلوماسي في دمشق يأتي بعد قراءة متأنية للتطورات، ووليد قناعة أن المرحلة القادمة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري حرصاً على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها».
نعم، سوريا اليوم بحاجة إلى موقف عربي موحد وحضور لكل ما يخطط لمستقبلها من قبل دول أجنبية حتى لا ينفرط العقد، ولا بد كعرب أن نكون على وعي سياسي عميق، ولا نربط موقفنا بوجود بشار الأسد أو رحيله، إذ إن سوريا أرضاً وشعباً أهم، والذي يتبقى هو الهوية الوطنية والدولة السورية، وحينها نقول إن لكل حدث حديثاً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين دور جامعة الدول العربية؟ إذا لم تقم بالدور العربي المطلوب منها في هذه المرحلة، فمتى يمكنها أن يكون لها دور في مستقبل العرب؟! أو لنبحث عن صيغة أخرى تضم العرب، حيث مع تطور الأحداث نحتاج كعرب إلى أن نطور أنفسنا، فلا بد أن تتغير صيغة الجامعة العربية وتتغير قوانينها وأنظمتها، فهذا أقل ما نحتاج إليه في ظل هذا الواقع.
لنبحث لنا عن موقف موحَّد ليس تجاه سوريا، إنما الأهم تجاه النظام الإيراني الذي هو سبب الأزمات العربية بأطماعه التوسعية. إيران لم تعد خطراً على دولة واحدة، إنما على الوجود العربي ككل. هي التي تخطط وتمول وتنفذ كل عمليات الإرهاب في الدول العربية، فهل يعي العرب هذا الخطر على مستقبلهم أم يظل النظام الإيراني يشكل حتى الحكومات في بعض الدول العربية كما يحدث الآن؟!
لن ترحمنا الأمم المتحدة ولا الدول الكبرى، ولكن وحدتنا هي صمام الأمان للأمن العربي ومستقبلنا.