حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

مرافعة عن علماء السعودية

تخيلوا أن صاحب هذه الأوصاف القاسية المتوترة الحادة التي سأوردها لكم بعد قليل ليس كاتباً صحافياً حادَّ اللسان، ولا مغرداً في «تويتر» جُل تغريداته منازلات ومخاصمات، ولا إعلامياً همُّه المناكفات والنزاعات... صاحب هذه الكلمات التي أخذتُ بنصها ومفرداتها من إحدى مقالاته هو الشيخ الدكتور أحمد الريسوني الذي انتُخب مؤخراً رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (الاتحاد صنفته الرباعية العربية إرهابياً - المحرر). إنها أوصافٌ حادة قاسية ليس فيها سمت العلماء الربانيين وحِلمهم وسعة أفقهم وأريحيتهم وانفتاحهم على المختلف دينياً ومذهبياً وفقهياً وفكرياً.
إحدى سقطات الدكتور أحمد الريسوني تسميته المدرسة الفقهية والعقدية التي تنتهجها السعودية «الإسلام السعودي»، الذي يتسم، في زعمه، بالتشدد والتطرف، و«فقه البداوة». وهذا الوصف خالٍ من اللغة العلمية، والمفردات الحوارية المقبولة، ولو أننا سلّمنا بوصف كل اجتهاد فقهي أو عقدي بنسبته إلى المناطق والدول التي صدر منها، لخرجنا بإسلامات كثيرة؛ إسلام إندونيسي، وإسلام مصري، وإسلام عُماني، وإسلام مغربي، وإسلام باكستاني... إلخ.
وليس العجب أن تصدر هذه الأوصاف العدائية الحادَّة من عالم «مقاصدي» معروف، ولكن المؤسف أن يُنتخَبَ صاحبُ هذه المفردات الهجومية التعميمية القاسية رئيساً، وكأن ترشيح مَن هذه لغته ومفرداته وبنسبة فاقت التسعين في المائة من جمعيته العمومية، بمثابة تعزيز لمنهجيته في التعامل مع المدارس التي يختلف معها.
أما ما يتعلق بهجومه وأوصافه الحادَّة التي تفتقر للروح العلمية الجادة واللغة الحوارية المتسامحة، والتي رشق بها مدرسة العلماء السعودية، فقد كفاني الرد عليها أحد زملائه في الاتحاد، وذلك في تأبين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: «أوتيَ ابن باز من مكارم الأخلاق، ومن خصائل الخير، ومن الفضائل الجمة، ما لم يؤتَ غيره، كان مهذباً، لم أسمعه يجرح أحداً. كنا في المجمع الفقهي، وهناك مَن يوافقه، وهناك مَن يخالفه، فما سفَّه رأي أحد، ولا جرح مشاعر أحد، كان مهذَّباً فعلاً»، فأين الشيخ الريسوني من هذا النموذج الفريد؟
بالتأكيد أن الممارسات الخاطئة موجودة عند كل أتباع الملل والنحل داخل العالم الإسلامي وخارجه، لا نستثني أحداً، فإن كان الدكتور الريسوني سلّط مجهره فقط على بعض الممارسات والاجتهادات التي جانبها الصواب عند قلة من المنتسبين للمدرسة العلمية السعودية، فهذا تعميم ظالم لا يليق بطالب علم مبتدئ؛ ناهيك بالراسخين في العلم.