طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

موسم صيد الجوائز

بدأ العد التنازلي من الآن لإعلان جوائز الأفضل، المرتبطة عادةً بنهاية العام الحالي ومطلع الجديد، جمعيات وهيئات ومنظمات ومواقع صحافية وغيرها، تسارع بإقامة العديد من المسابقات، القسط الأكبر منها وهميّ، لكي تعلن مع نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) أسماء الفائزين
أغلب النجوم يسعدون بالجائزة حتى لو كانوا واثقين أنها جاءت إليهم بطرق ملتوية، المهم أن النجم يحمل في يده اليمنى تمثالاً، وفي اليسرى شهادة تقدير، تُشير إلى أنه الأول، تلك اللقطة تتناقلها الصحف والفضائيات وتحتل مكانة مميزة في أرشيف الفنان، يعود إليها بين الحين والآخر، ليؤكد للقاصي والداني، أنه وعلى طريقة محمد رمضان (نمبر وان)!
كُثر من الفنانين لديهم قصص وحكايات عن جوائز، كانت في طريقها إليهم، وقبل إعلانها بلحظات، ذهبت لآخرين، وفي أحيان أخرى يصبحون هم الآخرون، الذين استحوذوا على الجائزة من دون وجه حق!
يلعب النقاد دوراً غير مباشر في منح مصداقية لتلك الجوائز، حيث تجد أن أكثر من مطبوعة ومؤسسة وجمعية تسألهم عن الأفضل في (الميديا) و(الدراما)، مذيعاً أو مذيعة أو برنامجاً، ممثلاً أو ممثلة، فيلماً ومسلسلاً ومخرجاً وهكذا، ثم تبدأ بعدها في الفرز وتجميع الأرقام، هنا ننتقل إلى المربع رقم (2)، حيث يبدأ اللعب، أو بكلمة أكثر مباشرة التلاعب. قد يجدون أن نجماً أو نجمة لم يتردد اسمه إلا لماماً في هذا الاستفتاء، إلا إنهم لسبب أو لآخر، وأترك لكم أنتم تحديد ما المقصود بالسبب أو الآخر! يريدون أن تصل الجائزة إليه! يوجد حلان: الأول إضافة أسماء جديدة ليس لديها أي مانع في كتابة اسم النجم الذي يريدون منحه الجائزة، وفي هذه الحالة تزداد كفته التصويتية رقمياً. الحل الآخر إعادة (تستيف) الأوراق كما يحلو لهم، وربما أيضاً يخترعون جوائز مثل جائزة (الجمهور) للأفضل، متجاهلين أنه أساساً لم يتم طرح هذا الأمر في البداية على الجمهور، وقد يمنحون ألقاباً مثل «سفير النوايا الحسنة»، رغم عدم توفر أي نوايا، من الممكن وصفها بالحسنة!
الحكاية ليست مقتصرة فقط على الجمعيات الخاصة. بعض المسابقات التي تُقيمها المؤسسات الرسمية من الممكن أن تتدخل عوامل أخرى خارج التقييم الفني الموضوعي لتكتشف أن الجائزة أخذت مساراً آخر، وهكذا تتعدد المواقع وتتباين الدوافع والثابت فقط هو التلاعب.
ويظل هناك وجه آخر للصورة يجب أن نذكره وهو أن لدينا فنانين عبر التاريخ لا يسعون أبداً لمثل هذه الجوائز، بل أكثر من ذلك نتابعهم وهم يعلنون على الملأ رفضهم لها وتشكيكهم في براءتها، إلا أنهم بطبيعة الحال يشكّلون الاستثناء الذي يوثّق القاعدة.
كثيراً ما يسألني القراء عن شعور الفنان الذي يحصل على جائزة وهو موقن جيداً أنها لم تكن له؟ إجابتي هي أن هؤلاء في العادة يدخلون في تحدٍّ مع أنفسهم، وبمجرد سماع مذيع الحفل يذكر الاسم والجائزة، يعلو صوته بالفرحة المشوبة بالمفاجأة، كأنه لم يخطط لها، هم لا يكتفون بالتمثيل أمام الكاميرا، ولكن ينتقلون بالتمثيل من شاشة السينما إلى شاشة الحياة، وبعد حصولهم على الجائزة يقفون أمام الكاميرات مجدداً ثم يبتسمون حتى تطلع الصورة حلوة.
مع الأيام ينسى الناس الواقعة بكل كواليسها وكوابيسها، ولا يتبقى سوى وجوه النجوم والنجمات المبتسمة فرحاً، وهم يحتضنون بسعادة بالغة الجائزة، عفواً... «جسم الجريمة».