خطوة إدارة الرئيس ترمب الأخيرة بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، ما هي إلا خطوة طبيعية، بعد أن أنهت الإدارة الأميركية عملية السلام بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، واعتبار القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، ووقف جميع المساعدات الأميركية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عن طريق إغلاقها، وتجميد مساعدات للسلطة الفلسطينية مقدرة بنحو 250 مليون دولار، ووقف المساعدات لمستشفيات تابعة لكنائس مسيحية في القدس.
وسبب إقدام إدارة ترمب على هذا أعلن عنه مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، حيث أكد أن مكتب منظمة التحرير لن يبقى مفتوحاً ما دام الفلسطينيون يواصلون رفض البدء في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وأنه على ضوء توجه الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبما أن إسرائيل هي حليفة أميركا المقربة... فهذا سبب آخر لإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية.
اعتبرت الحكومة الفلسطينية أن القرار الأميركي يعتبر بمثابة إعلان حرب على جهود إرساء السلام في المنطقة، وإعطاء ضوء أخضر للاحتلال الإسرائيلي للاستمرار في تنفيذ سياساته الدموية والتهجيرية والاستيطانية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه، وصرح رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بأن «الحقوق الفلسطينية ليست للمساومة ولا للبيع، ولن نخضع للابتزاز والتهديد الأميركي».
كيف يمكن لنا كعرب التعامل مع سيد البيت الأبيض، الذي يملك سلطات مطلقة في إدارة السياسة الخارجية؟
الحقيقة التي لا يختلف عليها أحد أن الولايات المتحدة لا تزال تتربع على عرش قيادة العالم، رغم كل الدراسات والبحوث الأكاديمية التي تشير إلى التعددية القطبية وأفول النفوذ الأميركي في السنوات الأخيرة.
ما المطلوب للرد على سياسات ترمب؟ هل المطلوب التأقلم مع الواقع الجديد المفروض علينا من قبل الإدارة الجديدة في أميركا؟ أم المواجهة؟ وهنا علينا تحديد عناصر القوة والضعف في واقعنا العربي.
البديل المريح بالنسبة لنا اليوم هو الانتظار على أمل أن تحدث متغيرات داخلية في انتخابات الكونغرس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لا أحد يعرف هل سيحقق الحزب الديمقراطي الأميركي فوزاً محققاً في هذه الانتخابات المقبلة. الأمر المؤكد حتى الآن هو فوز ثلاث نساء من أصول عربية في الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي، وسيخضن الانتخابات المقبلة.. علينا كعرب أن ندرس ونتفهم جيداً ما يحدث في الانتخابات الديمقراطية الحرة في الدول الديمقراطية الغربية... الحروب الأهلية العربية في سوريا والعراق والصومال وليبيا دفعت آلاف، بل ملايين العرب، للهجرة إلى الغرب الديمقراطي، ما خلق مشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية في هذه الدول أدت إلى صعود التيارات والأحزاب اليمينية المعادية للمهاجرين، وهذه الأحزاب تبنت الشعارات والسياسات الشعبوية، لذلك حقق الحزب اليميني المعادي للمهاجرين في السويد نتائج متقدمة، فأسلوب الأحزاب اليمينية في الحكم أسهل من الأحزاب الديمقراطية... لذلك هنالك احتمال كبير أن يحقق ترمب، بأفكاره الداعية إلى جعل مصلحة أميركا أولاً، قبولاً لدى قطاع كبير من الشعب الأميركي، رغم كل الانتقادات للرئيس الأميركي في الصحافة الليبرالية في الولايات المتحدة، وصدور أكثر من كتاب ينتقد سياساته الداخلية والخارجية، كان آخرها تصريحات الرئيس السابق باراك أوباما في خطبه الانتخابية للحزب الديمقراطي، حيث ذكر فيها أن الرئيس ترمب ابتعد عن القيم والمبادئ الأميركية الراسخة، وأن بقاءه في السلطة يضر بمصالح أميركا.
موقفنا كعرب لن يغير موقف ترمب من القضية الفلسطينية ومعاداته للحلول السلمية في المنطقة. ما يحدد مستقبل ترمب هو الشعب الأميركي الذي سيختار أعضاء الكونغرس في انتخابات التجديد في نوفمبر.
يبدو أن فكرة المقايضة هي الغالبة على التفكير الأميركي، أي مقايضة العرب بخصوص التنازل عن قضية فلسطين مقابل إسهام أميركي فاعل في حل قضايا العرب، ومن ضمنها محاربة الإرهاب، ووضع حد لتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة.
من الصعب جداً التكهن بالتوصل إلى تسوية إقليمية تحسن من وضع كيان السلطة الفلسطينية، أو بقاء الحال على ما هو عليه الآن. من دون تغير في الحالتين، فإن إسرائيل هي الرابحة إلى حين تتغير المعادلات دولياً وإقليمياً وعربياً.
8:37 دقيقه
TT
ما خيارات العرب؟
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة