حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

إلى اللقاء في «أسوأ» مونديال

انتهت فعاليات بطولة كأس العالم التي أُقيمت في روسيا، وبشهادة الكل هناك قناعة بأن هذه البطولة كانت الأنجح والأكثر إثارة في تاريخ البطولة، ولكن هناك اعتقاداً عريضاً أيضاً بأن الفائز الأول والحقيقي هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي نجحت بلاده في تنظيم المنافسة بشكل مبهر ومدهش جعلها تمر بلا أي حادثة واحدة تكون مثار سخط أو نقد.
كانت مسابقة مثالية بامتياز. وهذا النجاح المبهر كان بمثابة جرعة مكثفة من الشرعية لبوتين وروسيا، لينسى الناس ولو بشكل مؤقت تجاوزات سياساته مثل ضمه لإقليم القرم بالقوة من دولة أوكرانيا، وكذلك تدخله في سوريا ودعمه العسكري غير المسبوق لنظام الطاغية بشار الأسد. ولم تكن هذه الحالة الأولى للغطاء الرياضي لحالة سياسية مثيرة للجدل، فالاتحاد السوفياتي السابق حاول استغلال أولمبياد موسكو كحدث عالمي استثنائي لتغطية الغزو الدموي للقوات السوفياتية واحتلالها لأفغانستان، ولكن لعل الحادثة الأهم كانت أولمبياد برلين وألمانيا تحت قيادة الزعيم النازي أدولف هتلر الذي كان يروج للعالم أجندته العنصرية البغيضة التي تقول إن العرق الأبيض الآري هو الأرقى والأنقى في التاريخ البشري، ليأتي العدّاء الأميركي ذو الأصول الأفريقية جيسي أونز ليهزم الجميع ويحرز كل الميداليات الذهبية في السباقات التي شارك فيها ليوجّه صفعة قوية إلى هتلر والنازية.
اليوم يوجه العالم أعينه صوب المناسبة القادمة لكأس العالم، حيث يستضيف نظام الانقلاب الحاكم في قطر البطولة القادمة سنة 2022. هذه البطولة وقبل أن تبدأ تحيط بها روائح الفساد والشبهات من كل صوب، فتحقيقات أمنية بتهم الرِّشى أطاحت برئيس الفيفا السابق وأكثر من ثمانية أعضاء تنفيذيين كبار في اتحاد كرة القدم العالمي، وكل الأصابع موجهة إلى ملف قطر وكيف تمكن من هزيمة دول أكثر تأهيلاً وخبرة وجدارة باستضافة المناسبة، وحتى السجل «العمالي» الذي ينفذ المشاريع المتعلقة بتحضيرات البطولة القادمة لم يَسْلم هو الآخر من النقد الشديد نظراً إلى تجاوزات هائلة في حقوق العمالة وتهم الاتجار بالبشر، وطبعاً ناهيك بالحديث الذي لا ينقطع عن تمويل قطر للإرهاب، ورعايتها للجماعات المتطرفة، وتسليحها لهم، والمساهمة في نشر الحروب الأهلية في منطقة الشرق الأوسط، وإيواء المطلوبين.
كل ذلك ما هو إلا نموذج مبسط من «الملف القذر» كما يطلق عليه المراقبون، والخاص باستضافة نظام الانقلاب في قطر لبطولة كأس العالم القادمة. هي البطولة الأكثر إثارة للجدل، وحجم الشبهات هائل، والحديث عن الرِّشى «الكبرى» حتى تبقى البطولة قائمة في الدوحة، لا يتوقف. ولكن المؤكد أن «قطر 2022» استحقت وبجدارة لقب أقذر بطولة كأس عالم لكرة القدم، وقبل أن تبدأ البطولة نفسها.
المؤكد أيضاً أنه مع اقتراب موعد البطولة ستُفتح مجموعة جديدة من الملفات المليئة بالأدلة والبراهين الموثقة لتهديد نظام الانقلاب في قطر وابتزازه بها، فهي اللغة الوحيدة التي يعرفها.