حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

دراما الحرب على الإرهاب

تلقى الدراما العربية كماً هائلاً من الانتقادات المستحقة والمبالغ فيها أحياناً جراء غزارة إنتاجها خلال فترة شهر رمضان المبارك، ولكن من الضروري إبراز «أهمية» الإنجازات التي حققتها الدراما العربية بصورة عامة في مواجهة آفة الإرهاب وفضح الخطاب المتشدد في مجموعة مسلسلات كتب لها أن تعرض خلال شهر رمضان المعظم خلال السنوات الكثيرة الماضية. ولعل أول وأبرز تلك المسلسلات هو مسلسل «العائلة» الذي عرضه التلفزيون المصري عام 1994 في قمة تعرض مصر لسلسلة من الهجمات الإرهابية الدموية. وبعدها جاءت سلسلة مهمة ولافتة من الأعمال المؤثرة التي فتحت صندوقاً أسود لم يكن أحد يجرؤ على التطرق إليه ولا الاقتراب منه أبداً، ألا وهو ظاهرة الغلو والتنطع والتشدد والتكفير، وهي كلها كانت من «المسلّمات» التي يتم الدفاع عنها بحجة عدم المساس بالتراث ولا بالثوابت.
ولعل أبرز تلك الأعمال الدرامية التي خاضت ساحة الجهاد ضد التطرف والإرهاب كانت «ما ملكت أيمانكم»، وهو عمل درامي سوري مهم من أوائل الأعمال التي تصدت لظاهرة غسل العقول وأدلجتها بالخطاب المتطرف المؤدي للإرهاب حتماً. وجاء بعد ذلك العمل الدرامي المثير للجدل «الحور العين»، وهو الذي ناقش بصريح العبارة لأول مرة عمليات تنظيم «القاعدة» الإرهابية ضد الأبرياء العزل في المجمعات السكنية بالمملكة العربية السعودية، وتعرض القائمون على هذا العمل الدرامي لسلسلة خطيرة من التهديدات الجادة على حياتهم.
ثم جاء مسلسل «غرابيب سود» الذي تعرض بقوة لتنظيم داعش الإرهابي وأهم محطات عملياته الإجرامية وأساليب تعامله مع من ينضمون إليه، وكان العمل هو الآخر جريئاً وقوياً ومثيراً للجدل.
أيضاً لا يمكن إغفال بعض حلقات مسلسل «سيلفي» الناجح جداً والذي تعرض وكشف الكثير من أساليب التشدد والعنف والإرهاب باسم الدين وجذب الشباب لهذه التنظيمات الإرهابية وأثرها على الخطاب في المجتمع.
والآن هناك مسلسل «أبو عمر المصري» الذي يواصل عرض أثر الخطاب الموتور باسم الدين على المجتمع وتداعيات العمليات الإرهابية على أنماط الحياة بأشكالها المختلفة.
وطبعاً لا يمكن إغفال ولا نسيان العمل الملحمي الكبير ذي الجزأين «الجماعة» الذي ناقش وتطرق بشكل تاريخي وممنهج لنشأة حركة تنظيم الإخوان المسلمين وتأسيس فكره السياسي والحركي.
والآن يتابع الناس مسلسل «العاصوف» الذي يتعرض لأثر الخطاب الصحوي المتشدد على مجتمع مدينة الرياض بداية من نهاية التسعينات وصعوداً وتبعات هذا على المناحي الاجتماعية عموماً. إلا أنه يبقى واضحاً كحلقة مفقودة عدم نظر الدراما الرمضانية تحديداً والدراما العربية عموماً وتعرضهما بشكل واضح وصريح لتنظيم وميليشيات «حزب الله» الإرهابي وإن كنت قد قابلت أحد المهتمين بالدراما من لبنان وقال لي إنه أعد سيناريو درامياً يصلح لمسلسل يتعرض فيه لجرائم «حزب الله» ضد اللبنانيين وتجارة المخدرات وغسل الأموال وعلاقته مع إيران والنظام السوري، إلا أنه تلقى تهديداً «عملياً» بالقتل خطف فيه لمدة ثلاثة أيام ليحذروه من الإقدام على هذا العمل فتوقف عن الفكرة وغادر لبنان للأبد.
الدراما الجادة سلاح فتاك لفضح الفكر الإرهابي وكشفه، وكل الأمل أن يطال «حزب الله» من هذا الاهتمام نصيب ليلحق بزملائه في الشر من أمثال «القاعدة» و«داعش».
تحية خالصة للشجعان الذين حاربوا الإرهاب على الشاشة.