د. شملان يوسف العيسى
كاتب كويتي
TT

العنف ضد المرأة

رغم حقيقة أن العنف الأسري ضد المرأة والطفل ظاهرة عالمية إلا أن الاهتمام بهذه الظاهرة امتد إلى دول الخليج العربية، حيث اهتمت الصحافة وجمعيات حقوق الإنسان والسلطات التشريعية بها.
ففي الكويت مثلاً تقدمت النائب صفاء الهاشم باقتراح بقانون لمكافحة العنف الأسري، ويتضمن القانون عقوبات بالسجن تتراوح من سنة إلى سبع سنوات لمرتكب العنف الأسري بحسب طبيعة الحالة، وأوضحت الهاشم أن مسوّغ القانون يعود إلى وجود حالات تعرض فتيات ونساء لعاهات دائمة نتيجة العنف الأسري والإهمال المصاحب لهذه الظاهرة مجتمعياً التي يجب أن تجابه بقوانين رادعة للحد من انتشارها، لافتة إلى أن هناك حالات قد لا يستوعبها عقل تحدث في بعض البيوت للأسف الشديد، ويتجاوز بعضها حد الضرب والعنف الأسري إلى الاغتصاب والاعتداء الجنسي. وتابعت الهاشم أن إحدى هذه الحالات التي استمعت إليها تلخصت في شكوى من فتاة تتعرض للاعتداء الجنسي من قبل إخوتها، والغريب في هذه الحالة أن الأم كانت على علم بهذا الاعتداء وموقفها كان سلبياً، وأوضحت الهاشم أن هذه عينة من عينات ما قد تتعرض له المرأة من انتهاكات وجرائم ذات طابع خاص؛ لذلك كانت هناك حاجة لهذا القانون الذي سنستعجل بإقراره.
في السعودية نشرت جريدة «الرياض» أن المختصين في شؤون المرأة والطفل في السعودية أكدوا ارتفاع معدل العنف ضد المرأة بنسبة تصل إلى 87.6 في المائة، فيما بلغت نسبة العنف ضد الطفل إلى 45 في المائة، وطالب المختصون بالإسراع في إصدار قانون حماية النساء والأطفال، مؤكدين أن الأرقام الصادرة في تقارير كشفت أن قضايا العنف ضد المرأة والطفل أقل من الحالات التي تتعرض فعلياً للعنف، مرجعين ذلك إلى خوف المعتدى عليه من المعتدي، إلى جانب قلة الوعي بالحقوق، لافتين إلى أهمية وجود إجراءات خاصة بالحماية في حال تم تطبيق القانون.
السعودية سارعت لسن قانون يعالج هذه الظاهرة غير الطبيعية على مجتمعاتنا الخليجية، فالدكتور خالد العواد رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى السعودي أكد أن مشروع حماية المرأة والطفل تمخض عن قانونين؛ أحدهما لحماية الطفل، والآخر لحماية المرأة من العنف، وكلا القانونين في طور الإعداد وسيريان النور قريباً.
نورة الزهراني مشرفة مشروعات الطفولة في مركز التنمية الاجتماعية في الرياض ذكرت أن هناك إشكالية ناتجة عن تباين الإحصاء في تسجيل حالات العنف ضد المرأة والطفل. ومن جانبهما أوضح كل من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وبرنامج «أمان» الأسرى، أن 45 في المائة من الأطفال يتعرضون للعنف في معيشتهم اليومية، وأكدت تقارير برنامج «أمان» الأسري وفاة 12 طفلاً نتيجة تعرضهم للتعنيف من قبل الوالدين أو زوجة الأب أو العمالة المنزلية.
الأمر الإيجابي في هذه القضية الحساسة هو أن كل دول الخليج مهتمة بالموضوع وتسعى جاهدة إلى تحسين صورة المرأة في بلدانها؛
ويؤكد المشاركون في مؤتمر عقد في ديسمبر (كانون الأول) 2017 لمناقشة العنف ضد المرأة في الدراما الخليجية، ضرورة إصدار ميثاق أخلاقي لتناول قضايا العنف الأسري في وسائل الإعلام والدراما؛ للحفاظ على صورة المرأة ومكانتها. وأكد منصور السعيدي المدير العام لمركز «أمان» الذي يرعى ضحايا العنف من النساء والأطفال أن نسبة العنف ضد النساء في بعض البلدان تبلغ نحو 70 في المائة، وأن 37 في المائة من النساء في العالم العربي يتعرضن لعنف جسدي أو جنسي. وأضاف أن 6 نساء من كل عشر نساء معنفات لا يخبرن أحداً، بينما الباقيات يتحدثن عن الأمر للعائلة أو الأصدقاء فقط، ولا يتم التبليغ عن معظم الحالات للشرطة.
يبقى السؤال هل القوانين المقبلة التي سيتم تشريعها ستحمي المرأة العربية أو الخليجية من تنامي ظاهرة العنف ضدها؟ بقي أن نعرف أن قوانين حماية المرأة من العنف الأسري في معظم بلدان العالم العربي غائبة أو غير فعالة، وبالتالي يتم التعامل معها كحالة اعتداء فردية أو إساءة...
ما دام المجتمع الرجولي هو المهيمن فلا عزاء للمرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.