حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

ميانمار... إرهاب آخر

على الأرجح أنك لم تسمع باسم «آشين ويراثو». ولا تُلام على ذلك. هو راهب بوذي متطرف من ميانمار المعروفة سابقاً بـ«بورما»، وصفته مجلة «تايم» الأميركية بأنه رمز ووجه الإرهاب البوذي.
وهو الذي يقود حملة شعواء شديدة التطرف والدموية ضد الأقلية المسلمة التي تقتل في مناطق الروهينغا، فهو وميليشياته المروعة لسنوات غير قليلة يقومون بالقتل والتشريد والإجبار على التهجير بحق مئات الآلاف من المسلمين، الذين لقوا حتفهم أو هجروا إلى مخيمات بدائية على الحدود البنغلاديشية.
«آشين ويراثو» هو النسخة البوذية للإرهابي حسن نصر الله؛ فهو مثله؛ روج لنفسه بأنه زعيم مقاومة «العدو الآخر»، وهو الذي يحافظ على القومية والتراث الأهلي لميانمار، وانطلت هذه الكذبة وهذه الخديعة على أهل بلاده؛ بل وأجبر الزعيمة السياسية الأولى في ميانمار أون سان سوتشي، وهي التي فازت بجائزة «نوبل» للسلام، على الصمت تجاه جرائمه، بل والتبرير لها، مما جعل هناك حملة عالمية (مستحقة) تطالب «جائزة نوبل» بسحب الجائزة منها فوراً، عقاباً لها على موقفها السلبي والمتخاذل تجاه الجريمة الكبرى في بلادها.
عدد المسلمين في ميانمار لا يتجاوز الثلاثة ملايين (وهو يتناقص بحدة) وسط 50 مليون بوذي هو تعداد سكان ميانمار ككل.
«آشين ويراثو» يظهر للناس مرتدياً زيه الديني لتأكيد دوره الروحي وإرسال رسالة للناس في شعبه بأن ما يفعله مهما ظهر بشعاً، فهو مسألة روحية؛ تماماً كما يفعل شريكه في العقلية الإجرامية حسن نصر الله مع مرتزقته والقطيع من أتباعه. عدد القتلى والمهجرين لم يعد من الممكن إخفاؤه ولا السكوت عنه، على الرغم من التعتيم الإعلامي الهائل والعظيم الذي تنصبه الحكومة العسكرية في ميانمار على تلك الأحداث البشعة والدموية.
«آشين ويراثو» هو وجه إرهابي جديد لمن يخلطون الدين بالسياسة ويلوون ذراع المبررات لتكون وسيلة تنفيذ جرائمهم البشعة. وجرائم المجرم «آِشين ويراثو» باتت تحرج أيضاً زعيم البوذيين الأشهر في العالم «الدالاي لاما»ز
فالبوذية التي تصنف نفسها بأنها فلسفة روحانية في السلام والتسامح، ها هو راهب من أتباعها يتزعم ميليشيات تقتل بدم بارد، وتشرد أقليات، وسط صمت كبار الزعامات الروحية للبوذية.
«آشين ويراثو» وجه إجرامي قبيح جديد ينضم لسلسلة يبدو أنها بلا نهاية لوجوه الشر، من أمثال حسن نصر الله والظواهري والبغدادي وغيرهم. وجوه لا بد للعالم بأسره من أن يعاملهم ليس على أنهم رموز دينية، ولكن بصفتهم مجرمين، وجب إحضارهم بالقوة إلى العدالة لينالوا جزاءهم. هذا هو الموقف الأخلاقي الصحيح الوحيد الذي يليق بهم ومن هم على شاكلتهم.
مأساة المسلمين الروهينغا مذهلة ومهولة في حجمها وبشاعة الجرم، والأهم هو الصمت الممنهج بحق جريمة عظيمة. في المقابل؛ تلقى حوادث فردية اهتماماً أعظم وأعمق وأهم. الإرهاب واحد لا يتجزأ، والنفس البشرية هي ذات القيمة مهما اختلف مكان الحدث وهوية المغدور بهم. غير ذلك؛ هو يعد نفاقاً سياسياً بامتياز. مسألة الروهينغا مستمرة لتنضم إلى مآسٍ أخرى، وها هي الأديان تفرز وجهاً جديداً يخطفها باسم الإرهاب.
«آشين ويراثو»؛ ستنال جزاءك قريباً، أو على أقل تقدير مهما هتف لك مؤيدوك، سيكون مكانك مع القتلة والسفلة عبر التاريخ أنت ومن هم على شاكلتك. تعبت الأقلام من تكرار مواقف كهذه والتلميح إليها، ولكن يبقى ذلك ما نقدر على عمله لأنه أضعف الإيمان!