هل تساعد الروائح في الشفاء من الاكتئاب؟

الروائح تثير ذكريات تبدو حية وحقيقية لدى الأصحاء (جامعة هارفارد)
الروائح تثير ذكريات تبدو حية وحقيقية لدى الأصحاء (جامعة هارفارد)
TT

هل تساعد الروائح في الشفاء من الاكتئاب؟

الروائح تثير ذكريات تبدو حية وحقيقية لدى الأصحاء (جامعة هارفارد)
الروائح تثير ذكريات تبدو حية وحقيقية لدى الأصحاء (جامعة هارفارد)

توصلت دراسة أميركية إلى أن شم رائحة مألوفة يمكن أن يساعد الأفراد المصابين بالاكتئاب على تذكُّر ذكريات محددة من حياتهم، وربما يساعد في شفائهم. وأوضح الباحثون أن الروائح أكثر فعالية من الكلمات في استحضار ذكرى حدث معين، ونشرت النتائج، الثلاثاء، بدورية «غاما نتورك».

وقد يواجه المصابون بالاكتئاب صعوبة في التركيز والانتباه، مما قد يؤثر على قدرتهم على تذكر المعلومات.

ودرس الفريق تأثير الاكتئاب على جزء من الدماغ يسمى «اللوزة الدماغية» المسؤول عن الذكريات الذاتية، وهي الذكريات التي تتعلق بتجارب وأحداث شخصية، مثل الأحداث السعيدة والحزينة، واللحظات المهمة، والتجارب الشخصية.

وأشار الباحثون إلى أن المصابين بالاكتئاب يجدون صعوبة في تذكر أحداث محددة من الذكريات الذاتية، وأنه في الأفراد الأصحاء تثير الروائح ذكريات تبدو حية و«حقيقية»، على الأرجح؛ لأنها تتفاعل بشكل مباشر مع اللوزة الدماغية من خلال الاتصالات العصبية، من البصلة الشمية الموجودة في الدماغ الأمامي، والمعنية بإدراك الروائح.

وأخبر الباحثون بأن الروائح يمكن أن تساعد الأفراد المصابين بالاكتئاب في الوصول إلى ذكرياتهم بشكل أكثر فعالية، وقدموا لعدد من المصابين بالاكتئاب سلسلة من قوارير زجاجية غير شفافة، تحتوي على روائح مألوفة قوية، مثل البرتقال والقهوة المطحونة وملمِّع الأحذية.

وبعد أن طُلب من المشاركين شم رائحة القارورة، طُلب منهم أيضاً أن يتذكروا ذكرى معينة، بغض النظر عن كونها جيدة أو سيئة.

وفوجئ الباحثون عندما اكتشفوا أن استدعاء الذاكرة كان أقوى لدى الأفراد المصابين بالاكتئاب الذين تلقوا إشارات الرائحة مقارنة بإشارات الكلمات، وكانت الذكريات التي حفزتها الروائح أيضاً أكثر حيوية وواقعية.

وأشار الباحثون إلى أنه يمكن استخدام الروائح لمساعدة المصابين بالاكتئاب على الخروج من دورات التفكير السلبية، وإعادة توصيل أنماط التفكير، مما يساعد على الشفاء بشكل أسرع وأكثر سلاسة.

من جانبها، قالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة بيتسبرغ، الدكتورة كيمبرلي يونغ «كان من المفاجئ بالنسبة لي أنه لم يفكر أحد من قبل في النظر لاسترجاع الذاكرة لدى الأفراد المصابين بالاكتئاب، باستخدام إشارات الرائحة».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أنه من المثير للاهتمام أنه رغم أنها لم توجه المشاركين إلى تذكر الذكريات الإيجابية على وجه التحديد، فإن المشاركين كانوا أكثر عرضة لتذكر الأحداث الإيجابية.

وتستعد يونغ لبدء دراسات أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، باستخدام ماسح ضوئي للدماغ، لإثبات أن الروائح تساعد في تفاعل اللوزة الدماغية لدى المصابين بالاكتئاب بشكل أكثر فعالية من الإشارات الكلامية؛ لكنها في هذه الأثناء متحمسة للتقدم الذي تم إحرازه بالفعل.

وتابعت: «إذا قمنا بتحسين الذاكرة، فيمكننا تحسين حل المشكلات، وتنظيم العواطف والمشكلات الوظيفية الأخرى التي يعاني منها مرضى الاكتئاب في كثير من الأحيان».


مقالات ذات صلة

نظام غذائي قد يتصدى للاكتئاب ثنائي القطب

صحتك نظام «كيتو» الغذائي قد يساعد في تخفيف الاكتئاب ثنائي القطب (رويترز)

نظام غذائي قد يتصدى للاكتئاب ثنائي القطب

كشفت دراسة جديدة أن عملية التمثيل الغذائي قد تتسبب بإصابة الأشخاص بنوع من الاكتئاب يدعى «الاكتئاب ثنائي القطب»، وأن هناك نظاماً غذائياً قد يتصدى لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عقار «فورتيوكستين» يوصف للبالغين الذين يعانون من نوبات اكتئاب شديدة (رويترز)

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ

وجد العلماء أن مضادات الاكتئاب الشائعة «فعالة بشكل غير متوقع» ضد أورام المخ العدوانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مرضى الاكتئاب يعانون من تضاعف حجم إحدى الشبكات بأدمغتهم (رويترز)

مرضى الاكتئاب لديهم شبكة دماغية أكبر بمرتين من حجمها الطبيعي

كشفت دراسة حديثة أن مرضى الاكتئاب يعانون من تضاعف حجم إحدى الشبكات بأدمغتهم، الأمر الذي قد يسهم في إيجاد علاجات جديدة وفعالة للمرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الموسيقى الكلاسيكية تُهدِّئ المزاج (جامعة فيرمونت)

موسيقى باخ وبيتهوفن وموزارت تُهدِّئ مزاج المكتئبين

وجدت دراسة صينية أنّ الموسيقى الكلاسيكية الغربية، مثل موسيقى باخ وبيتهوفن وموزارت، يمكن أن تحسّن المزاج لدى مَن يعانون الاكتئاب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مضادات الاكتئاب ترتبط عموماً بزيادة الوزن (رويترز)

دواء للاكتئاب يقلل احتمالات زيادة الوزن

حدّدت دراسة أميركية، دواء الاكتئاب الأقل تسبباً في زيادة وزن المرضى، بعد إجراء مقارنة بين 8 من مضادات اكتئاب شائعة الاستخدام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)
البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)
TT

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)
البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)

كشفت دراسة أميركية أنّ أنواعاً من البكتيريا في الفم قد تفاقم خطر الإصابة بسرطانات الرأس والرقبة بنسبة تصل إلى 50 في المائة.

وأوضح الباحثون أنّ بعض هذه البكتيريا مسؤولة عن التسبُّب بأمراض اللثة، وهي التهابات خطيرة قد تؤدّي إلى تأكّل عظام الفك والأنسجة المحيطة بالأسنان، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «JAMA Oncology».

ولطالما لاحظوا أنّ الأشخاص الذين يعانون سوء صحة الفم يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطانات الرأس والرقبة مقارنةً بمَن يتمتّعون بصحة فموية جيدة.

ورغم أنّ دراسات سابقة ربطت بعض أنواع البكتيريا في الفم بهذه السرطانات، فإنّ أكثر الأنواع البكتيرية تورطاً لم تكن واضحة حتى الآن.

وقاد فريق بحثي من جامعة «نيويورك لانغون هيلث» ومركز «بيرلماتر للسرطان» هذه الدراسة الجديدة، التي حلّلت التكوين الجيني للبكتيريا في الفم لدى أفراد أصحاء.

وكشفت دراسات سابقة عن وجود بعض أنواع البكتيريا في عيّنات أورام لأشخاص شُخِّصت إصابتهم بسرطان الرأس والرقبة. وفي تقويم أُجري عام 2018، استكشف الباحثون كيف يمكن للميكروبات في أفواه الأشخاص الأصحاء أن تفاقم خطر الإصابة بالسرطان مع الوقت.

وأوضحوا أنّ الدراسة الجديدة تُعدّ الأكبر من نوعها؛ إذ اعتمدت على بيانات من 3 دراسات رئيسية تتبَّعت أكثر من 159 ألف أميركي لفهم تأثير العوامل الغذائية ونمط الحياة والتاريخ الطبي في تطوُّر السرطان.

وبعد تسجيل المشاركين، غسلوا أفواههم وقدَّموا عيّنات من اللعاب لتحليل الحمض النووي البكتيري والفطري منها. وقارن الباحثون الميكروبات الفموية لـ236 مريضاً شُخِّصت إصابتهم بسرطان الرأس والرقبة مع 458 مشاركاً آخرين لم يصابوا بهذا المرض، مع الأخذ في الحسبان العوامل المؤثرة، مثل العمر والعرق والتدخين واستهلاك الكحول.

ووجدوا أنّ 12 نوعاً من البكتيريا مرتبطة بخطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة. وقد ارتبطت هذه المجموعة بزيادة احتمال الإصابة بالسرطان بنسبة 30 في المائة. ومع إضافة 5 أنواع بكتيرية أخرى شائعة في أمراض اللثة، ارتفع الخطر الإجمالي إلى 50 في المائة.

وقال الباحثون إنّ نتائج دراستهم تضيف سبباً آخر للحفاظ على عادات صحية جيدة للفم. وقد لا يساعد تنظيف الأسنان بالخيط والفرشاة في الوقاية من أمراض اللثة فحسب، بل قد يسهم أيضاً في الحماية من سرطان الرأس والرقبة.

وأضافوا أنه بعد تحديد البكتيريا الرئيسية التي قد تسهم في هذا المرض، «نخطّط الآن لاستكشاف الآليات التي تسمح لها بذلك، وكيف يمكننا التدخُّل بفاعلية لتثبيطها». ولفت الفريق إلى أنّ عدد حالات سرطان الرأس والرقبة لا يزال نادراً نسبياً، وإنما المخاطر الإضافية المرتبطة بالبكتيريا الفموية تدعو للقلق، مما يعزّز أهمية الحفاظ على صحّة الفم.