5 اتجاهات في طب القلب تنبغي مراقبتها

اختبارات وقائية للمواليد والعلاج بالخلايا القلبية

5 اتجاهات في طب القلب تنبغي مراقبتها
TT

5 اتجاهات في طب القلب تنبغي مراقبتها

5 اتجاهات في طب القلب تنبغي مراقبتها

يعرف قراء «رسالة القلب» منذ فترة طويلة أن معظم مقالاتنا تركز على الخطوات التي يمكنك اتخاذها الآن لتحسين صحة قلبك. ولكننا من حين لآخر؛ ننظر إلى ما هو في الأفق في هذا المجال الحيوي. وقد استشرنا الدكتور يوجين براونوالد (Dr. Eugene Braunwald)، البروفسور المرموق في الطب بكلية الطب بجامعة هارفارد، حيث يعمل منذ سنة 1972، وهو يواصل، مع بلوغه سن الـ94، العمل والنشر، مضيفاً مقالاته الجديدة إلى أكثر من 1100 مقالة ألفها بنفسه منذ أوائل الخمسينات. وساعد بحثه الرائد في توضيح كيفية حدوث النوبات القلبية، في التمهيد لطرق جديدة لعلاجها والوقاية منها.

كما ساعدت اكتشافات الدكتور براونوالد على فهم «اعتلال عضلة القلب الضخامي (hypertrophic cardiomyopathy)»، و«أمراض صمامات القلب (valvular heart disease)»، و«قصور القلب (heart failure)». (حياته وأبحاثه مذكورة في كتاب «يوجين براونوالد ونهضة الطب الحديث»، من تأليف الدكتور توماس إتش لي، رئيس تحرير «رسالة القلب» السابق في جامعة هارفارد).

اختبارات جينية للمواليد

إن الاتجاهات التي يتحمس لها الدكتور براونوالد أكثر من غيرها، والملخصة أدناه، قد تؤثر يوماً ما على صحة القلب في كل مرحلة من مراحل الحياة؛ من الولادة إلى الشيخوخة:

1- «الوقاية الأولية (Primordial prevention)»: يقول الدكتور براونوالد: «سوف يركز مستقبل طب القلب على الوقاية من أمراض القلب في وقت مبكر جداً من الحياة، وهو مفهوم يعرف باسم (الوقاية الأولية). وبدلاً من الانتظار حتى يُصاب المرضى بعوامل خطرة مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكولسترول أو مرض السكري ثم علاجها، فسوف نتمكن من تحديد ومنع تطور هذه الحالات في المقام الأول».

وكثير من هذه الحالات لا يسببه جين واحد؛ وإنما جينات كثيرة. لدينا الآن اختبارات جينية مختصة لتحديد درجات الخطر متعددة الجينات التي تساعد على التنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (راجع: «التحليل الجيني الشخصي لأمراض القلب: أحدث الإرشادات» - «الشرق الأوسط» 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2023). وفي المستقبل، سوف تصبح هذه الاختبارات أكثر دقة وأقل تكلفة، لذلك؛ أتوقع إجراء هذه الاختبارات لدى الأطفال حديثي الولادة.

على سبيل المثال؛ إذا كان لدى الطفل جينات مرتبطة بظهور ارتفاع ضغط الدم بحلول 30 عاماً من عمره، فيمكنك تعديل النظام الغذائي للطفل لمنع المشكلة. يمكن للتركيز على الوقاية في وقت مبكر جداً من الحياة أن يحدث فارقاً كبيراً في الحد من أمراض القلب والأوعية الدموية، التي لا تزال السبب الأكثر شيوعاً للوفاة لدى البالغين في جميع أنحاء العالم.

استهداف الالتهاب والعلاج بالخلايا

2- استهداف الالتهاب: يقول الدكتور براونوالد: «بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون بالفعل من أمراض القلب، تعدّ الأدوية التي تخفض ضغط الدم والكولسترول جزءاً مهماً من تجنب مشكلات القلب في المستقبل. ولكن حتى وقت قريب، لم تكن هناك أي أدوية لمعالجة الالتهاب الذي يسبب عملية تلف الشريان التي تؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية. ولكن في يونيو (حزيران) 2023، وافقت (إدارة الغذاء والدواء الأميركية) على دواء (كولشيسين colchicine - لودوكو Lodoco)، المضاد للالتهابات للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أو يكونون عرضة لخطر الإصابة بها. يمكن لهذا الدواء، الذي استخدم لسنوات كثيرة لعلاج النقرس، أن يقلل من خطر الإصابة بالنوبة القلبية والمشكلات ذات الصلة بنسبة نحو 30 في المائة. ويبحث العلماء وصناعة الأدوية الآن من كثب في هذه الفئة من الأدوية. و للمضي قدماً؛ أتوقع أنه ستكون هناك مجموعة كاملة من الأدوية المضادة للالتهابات الجديدة. سيكون الأمر مشابهاً للوضع الحالي مع ارتفاع ضغط الدم، حيث لدينا كثير من الأدوية المختلفة التي يمكن للأطباء استخدامها لعلاج هذه المشكلة الشائعة».

3- العلاج بالخلايا القلبية: يقول الدكتور براونوالد: «تؤدي النوبة القلبية إلى انقطاع تدفق الدم إلى جزء من عضلة القلب، مما يؤدي إلى حدوث تلف يترك أثره على القلب. وبمرور الوقت، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من نوبات قلبية متكررة، يمكن أن يُضعف ذلك قدرة القلب على العمل بشكل طبيعي؛ مما يؤدي إلى قصور القلب».

ولأكثر من عقدين من الزمن، حاول العلماء إصلاح القلوب المتضررة باستخدام «العلاج بالخلايا القلبية (Cardiac cell therapy)»؛ المعروف أيضاً باسم «العلاج بالخلايا الجذعية». كان المفهوم الأصلي هو حقن أعداد كبيرة من الخلايا الجذعية المشتقة من نخاع العظم في القلب لتجديد خلايا عضلة القلب. في حين أن النتائج الأولية بدت واعدة؛ فإن هذه الخلايا لا تندمج في عضلة القلب، بل وتختفي بسرعة. والآن يجري استكشاف تقنيات أخرى كثيرة، بما فيها عزل المواد التي تطلق من الخلايا المزروعة والتي يبدو أنها مسؤولة عن فوائدها.

من خلال صناعة هذه المواد؛ التي تتضمن عوامل تشجع نمو الأوعية الدموية، في المختبر، قد نكون قادرين على تقديم «العلاج الخلوي من دون خلايا». أنا أيضاً متحمس لوعد الخلايا الجذعية متعددة الإمكانات، وهو اكتشاف مبني على التكنولوجيا التي حازت «جائزة نوبل» في الطب وعلم وظائف الأعضاء لعام 2012. هذه هي الخلايا التي أعيدت برمجتها في حالتها الجنينية وبالتالي يمكن توجيهها لتوليد أي نوع من الخلايا البالغة؛ بما في ذلك خلايا عضلة القلب.

اختبارات جينية مختصة تساعد على التنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية

زراعة القلب

4- زرع قلوب الخنازير: يقول الدكتور براونوالد: «رغم التقدم المطرد في زراعة القلب، فإن مئات الأشخاص يموتون كل عام في انتظار عملية زرع القلب. على مر السنين، كان هناك عدد من عمليات الزرع الناجحة بين الأنواع - المعروفة باسم زراعة الأعضاء - بما في ذلك في الرئيسيات غير البشرية. وفي العامين الماضيين، أُجريت لرجلين في المرحلة النهائية من فشل القلب عمليتي زرع باستخدام قلبي خنزير معدلين وراثياً. (نجا واحد منهما لمدة 6 أسابيع، بينما عاش الآخر لمدة شهرين). تعد الخنازير اختياراً منطقياً؛ لأن قلوبها تشبه قلب الإنسان من حيث الحجم. في كلتا الحالتين، جرى تعطيل كثير من الجينات في (الخنزير المتبرع)، وأًدخلت الجينات البشرية في جينوم الخنزير لمنع المتلقي من رفض العضو الجديد. وقد مهدت هذه الدراسات المبكرة الطريق لمزيد من التقدم في زراعة الأعضاء».

5- تحسين أجهزة مساعدة البطين الأيسر: يقول الدكتور براونوالد: «جهاز مساعدة البطين الأيسر (LVAD) left ventricular assist devices هو مضخة صغيرة مزروعة في الصدر لمساعدة القلب الضعيف جداً الذي يعاني من القصور، في توصيل الدم إلى الجسم. وبالإضافة إلى أن أجهزة المساعدة البطينية تصبح أصغر حجماً وأكثر قوة وأقل تكلفة، فإنها ستخضع لتحسينات أخرى في السنوات المقبلة».

ستخدم الأجهزة الحالية مجموعة نقل الحركة، وهي كابل يمر عبر الجلد لتوصيل المضخة ببطارية وجهاز التحكم الذي يجري ارتداؤه خارج الجسم. في المستقبل، ستُشحن الأجهزة من خلال الجلد دون الحاجة إلى محرك، وهو موضع شائع للعدوى. ومن التطورات المحتملة الأخرى استخدام مواد متوافقة حيوياً في المضخة، مما يعني أن المرضى قد لا يحتاجون إلى تناول الأدوية المضادة للتجلط. قد يتلقى الأشخاص المصابون بقصور القلب المتقدم جهاز مساعدة البطين الأيسر بشكل مؤقت خلال انتظار عملية زرع القلب.

* «رسالة هارفارد للقلب» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«الحلم المسبق»... تقنية معتمدة من الأطباء تساعدك على النوم بشكل أسرع

صحتك تقنية «الحلم المسبق» الذكية التي يستخدمها الجيش يمكن أن تساعدك على النوم بشكل أسرع ليلاً (رويترز)

«الحلم المسبق»... تقنية معتمدة من الأطباء تساعدك على النوم بشكل أسرع

يقول أحد أطباء طب النوم إن تقنية «الحلم المسبق» الذكية التي يستخدمها الجيش يمكن أن تساعدك على النوم بشكل أسرع ليلاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الشوكولاته تحتوي على مستويات عالية من الفلافانولات (جامعة كنغستون)

تقرير: الإفراط في تناول الشوكولاته قد يسبب الوفاة

حذّرت صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية من الإفراط في تناول الشوكولاته؛ لأنه يؤدي إلى زيادة الوزن وتسوس الأسنان، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أهم الإنجازات الطبية في عام 2024

أهم الإنجازات الطبية في عام 2024

في نهاية كل عام نستعرض أهم الأحداث الطبية التي أثّرت بالإيجاب في المنظومة الصحية في العالم كله سواء باكتشاف طرق جديدة للعلاج والتشخيص أو الوقاية من الأمراض،

صحتك ثورة في أبحاث القلب... خلال عام 2024

ثورة في أبحاث القلب... خلال عام 2024

في عالم الطب، تبقى أبحاث القلب دائماً في صدارة الابتكارات التي تسعى لإنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة. ومع كل عام جديد تتكشف إنجازات علمية وتقنيات مبتكرة

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك جهاز "ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر" لمرضى انقطاع النفس الانسدادي

7 معلومات عن انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم

يُعدّ «انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم» (Obstructive Sleep Apnea) تشخيصاً مهماً للغاية يجب على الأطباء وكذلك على المُصابين المُحتَملين، مراعاته. قلَّة…

د. عبير مبارك (الرياض)

تقرير: تحذيرات في بريطانيا من المخاطر الصحية للفطر «السحري»

أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)
أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)
TT

تقرير: تحذيرات في بريطانيا من المخاطر الصحية للفطر «السحري»

أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)
أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)

ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أن الخبراء حذروا من زيادة استخدام فطر السيلوسيبين الذي يعرف بالفطر «السحري»، الذي انتشر بعد تقارير عن أنه يمكن أن يساعد في علاج بعض الحالات الصحية العقلية.

وأضافت أن فطر السيلوسيبين شهد نمواً سريعاً في شعبيته، مما أثار «نهضة» في المخدرات حيث أصبح الناس أكثر اهتماماً بفوائده على الصحة العقلية، لكن الخبراء حذروا من أن استخدامه الترفيهي يخاطر بإحداث ضرر أكثر من نفعه.

وأدت التجارب التي تستكشف السيلوسيبين كعلاج إلى انتشار شركات له في البلدان التي يكون فيها استخدامه قانونياً.

وتظهر أحدث بيانات مكتب الإحصاء الوطني ببريطانيا أن السيلوسيبين كان المخدر غير القانوني الوحيد الذي زادت شعبيته في عام 2024، حيث زاد بنسبة 37.5 في المائة ليصل إلى 1.1 في المائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 59 عاماً، وهو ما يمثل نحو 300000 شخص ويجعل المخدر شائعاً تقريباً مثل الإكستاسي.

وقال الخبراء إنه في حين أظهرت التجارب السريرية نتائج واعدة، فإن الأدلة تشير إلى أن الأشخاص الذين يتناولون السيلوسيبين خارج هذه الظروف يمكن أن يتعرضوا للأذى، بما في ذلك القلق والصدمات والأرق والتشوهات البصرية.

وأضاف الخبراء أن الأطباء العامين والأطباء النفسيين والمعالجين يفتقرون إلى المعرفة اللازمة لعلاج هذا الأمر وأحياناً يخطئون في تشخيص المرضى بالذهان أو الهوس.

وعلى الرغم من صعوبة تحديد انتشار الأشخاص الذين يواجهون أضرار ما بعد الإدمان على المواد المخدرة، فقد وجدت الأبحاث الحديثة أن 8.9 في المائة من المستجيبين الذين استخدموا المواد المخدرة بانتظام طوال حياتهم أفادوا بضعف يستمر لأكثر من يوم واحد.

وقال توميسلاف ماجيتش، وهو طبيب نفسي، إن الناس لديهم تجارب سيئة مع الأطباء الذين لم يكونوا على دراية بـ«التأثيرات والمخاطر والمضاعفات للمواد المخدرة».

وأضاف أن «معظم المرضى يستخدمونها علاجاً ذاتياً ويحتاجون إلى دعم نفسي، على الرغم من أن البعض يحتاجون إلى مساعدة نفسية».

شخص يدخن (أرشيفية - جامعة آرهوس)

وقال: «لقد حدثت زيادة في المشاكل المتعلقة بالسيلوسيبين والمواد المخدرة التقليدية الأخرى، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الشعبية المتزايدة والتصوير المفرط لهذه المواد في وسائل الإعلام، وفي بعض الحالات، في الخطاب العلمي، وإحصائياً، كانت هناك زيادة في حالات المواد المخدرة في أقسام الطوارئ في بعض البلدان».

وذكر ريت زوي، الأستاذ المشارك في أبحاث المواد المخدرة في إمبريال كوليدج لندن، أن «نقطة الضعف في المواد المخدرة هي أن التجارب يمكن أن تكون أشبه بالأحلام وتشعر بأنها حقيقية للغاية، ويستنتجون خطأً أنهم يجب أن يستخدموها لفهم أنفسهم وعلاقاتهم وصعوباتهم».

وقال: «نحن بحاجة إلى المزيد من الاستراتيجيات لإعلام الناس بهذه الظواهر وتقديم الدعم عندما يحدث هذا»، مضيفاً أن حقيقة أن الاستخدام الترفيهي أصبح الآن «شائعاً للغاية» تشير إلى أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يجب أن يتلقوا توجيهات لمعالجة هذه الظاهرة.