طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

النصر بلا دوران

استمع إلى المقالة

يواجه نادي النصر السعودي منذ سنوات طويلة فشلاً إدارياً حال بين قوة موارده والاستفادة منها في تأهيل الفريق للفوز بالبطولات المحلية والقارية، ومنذ رحيل رجل الأعمال سعود السويلم عن منصب الرئيس في عام 2019 توالت الكوارث الإدارية بدرجة أدت إلى الاستغناء عن قائمة طويلة من اللاعبين والمدربين والإداريين بحثاً عن تعديل المسار، قبل أن يبلغ التخبط مرحلة الحرب الداخلية بإقالة المدير التنفيذي ماجد الجمعان في واحدة من أغرب قضايا كرة القدم في عالم الاحتراف.!

ولا يمكن إخفاء تأثير التخبط الإداري على نادي النصر الذي جاء بأهم المدربين والنجوم في العالم دون أن يستفيد من هذه الصفقات، وفي مقدمتها التعاقد مع النجم الأهم في تاريخ اللعبة كريستيانو رونالدو صاحب الإنجازات غير المسبوقة في جميع محطات مسيرته الرياضية، باستثناء محطة النصر المليئة بالحسرة والدموع وسوء الطالع، فضلاً عن جلب لاعبين من منصات التتويج اعتادوا على خوض التحديات الكبرى، وبات بعضهم يشارك مع منتخب بلاده ويحرز كأس أوروبا أو دوري الأمم ثم يعود إلى النصر ليظهر بمستوى متواضع وكأنه أمام مهمة يتطلب إنجازها معجزة.

وقبل بدء الموسم الأخير قامت الدنيا ولم تقعد بسبب رحيل النجم البرازيلي تاليسكا إلى نادي فنربخشة التركي، علماً أنه كان من أخطر لاعبي الفريق وأكثرهم تأثيراً في المباريات، غير أن قرار الاستغناء عنه جاء سريعاً ليحل محله الكولومبي جون دوران الذي جاء بصفقة قياسية قدرت بنحو 80 مليون دولار، وبمبلغ يفوق ما دفعه مانشستر سيتي الإنجليزي خلال الفترة نفسها في استقطاب المصري عمر مرموش من آينتراخت فرانكفورت الألماني، وبات دوران يتقاضى راتباً سنوياً يصل إلى 15 مليون يورو، مما جعله من أعلى اللاعبين أجراً في الدوري السعودي، وهذا يبرهن على أن إدارة النصر لم تبرم هذا العقد بتكاليفه المالية العالية إلا بعد دراسة وافية لجدوى الصفقة بناء على ما يمتلكه مسؤولو النادي من قدرات وخبرات في الاستفادة من الموارد الكبيرة المتاحة لجعل الفريق ينافس ويحقق الإنجازات.

ومع فشل صفقة دوران وإعارته إلى فنربخشة التركي ليلحق بسلفه تاليسكا، اتضح أن إدارة النصر الحالية لا تمتلك القدرة على تسيير أموره ولن تتمكن من قيادته لمنافسة الاتحاد والهلال والأهلي والقادسية على كعكة البطولات في الموسم المقبل، وغالباً لن يتمكن «العالمي» حتى من تحقيق دوري أبطال آسيا 2 في حال استمر التخبط واستمرت رحلات الطيران في نقل طوابير المغادرين من النصر وجلب البدلاء القادمين إليه، خاصة أن سرعة الاستغناء عن اللاعبين والمدربين بحثاً عن تحقيق إنجاز بأسرع وقت، باتت سبباً في عدم الاستقرار الذي يعيشه الفريق والاحتقان الجماهيري المستمر ضد النجوم في المواسم الأخيرة.

لم يكن النصر سيئاً حين حقق المركز الثاني في البطولات المحلية الثلاث، وكان الأقرب للفوز بكأس الملك لولا سوء الطالع وخسارة النهائي بركلات الترجيح، ومع هذا لم تشفع النتائج اللافتة التي حققها الفريق مع المدرب البرتغالي لويس كاسترو في الإبقاء عليه ومنحه الثقة لمواصلة العمل، والأدهى أن البديل لم يكن خياراً مناسباً حين تعاقد النادي مع الإيطالي ستيفانو بيولي الذي أعاد النصر إلى دوامة تذبذب المستوى وعدم الاستقرار الفني، ويبقى أن هذا التخبط الإداري سبب مباشر في هدر مالي يضعف من فرص النادي مستقبلاً في الحصول على موارد لتمويل صفقاته، وربما يزيد من مصاعب النصر الذي أصبح ينفق بسخاء ويبرم صفقات قياسية لا يقابلها مردود من الإنجازات في البطولات المحلية والقارية.



المزيد من مقالات الرأي