مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

أستمع لملخص

في معرض الكويت الدولي للكتاب، الذي انطلق أمس الأربعاء، أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب اختيار العالم الجغرافي والمحقق اللغوي والمترجم الكويتي عبد الله الغنيم ليكون «شخصية المعرض».

الدكتور الغنيم، من رموز العمل الثقافي التاريخي في الكويت والخليج أيضاً، ومن المعلوم أن مركز البحوث والدراسات الكويتية الذي يديره الغنيم، نشأ بمرسومٍ أميري عام 1992.

شخصيتنا الكويتية المُكرّمة ذات تاريخ إداري وأكاديمي وعلمي حافل، فهو شغل منصب وزير التربية بالكويت وهو رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية من 1992 حتى الآن، كما عمل أستاذاً ورئيس قسم الجغرافيا في جامعة الكويت بين 1976 و1985، وهو عضو مجمع اللغة العربية في سوريا ومصر، وعضو المجلس الأكاديمي الدولي لمركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد.

جمهرة الباحثين في الخليج، الذين يعنيهم أمر التاريخ والوثائق، يثنون على عمل المركز ورئيسه الدكتور الغنيم، وهو قد قال في لقاء سابق مع وكالة «كونا» الكويتية الرسمية بمناسبة الذكرى الـ30 إن المركز مرجع أصيل عن التاريخ الكويتي، لكن لفتتني إشارته إلى موضوع الوثائق وقيمتها الغالية علمياً بل وقانونياً، حيث وثّق المركز جملة من متعلقات الغزو العراقي للكويت 1990، وربما نشأ المركز بعد الغزو استشعاراً لقيمة الوثائق والتاريخ المخدوم علمياً، خارج الإطار الأكاديمي أو اهتمام ثلّة من عشّاق التاريخ.

وقال الغنيم لـ«كونا» إن المركز يملك عشرين مليون وثيقة (حكومية وأهلية) أصبحت في مجموعها مادة ثرية للباحثين في الشأن الكويتي، إضافة للمكتبات الخاصة المُهداة إلى المركز من بعض الشخصيات الكويتية عددها نحو 20 ألف كتاب.

نخرج من الكويت وندلف للمجال الأوسع في الخليج، وفي مقدّمة دوله السعودية، حيث الأجيال الجديدة، ربما تفتقد للقدوات العلمية، ونموذج «البطل» الثقافي الاجتماعي، أو «النجم»، ولذلك شواهد، تشي بافتقاد هذا الجيل لهذه الأمثلة، وبحثهم عن أي مثال متاح، نجد مثلاً شخصية الوزير والشاعر والروائي والأديب والإداري، والدبلوماسي غازي القصيبي، مصدر إلهام لكثير من الشباب والشابّات في السعودية، والرجل غادر عالمنا أغسطس (آب) 2010 عن 70 عاماً... تحظى بتفاعل واسع.

لستُ أعلم عن الصيغة المناسبة لتقديم رموزنا الثقافية وبخاصة العصامية الجادّة المكافحة منها، مثل حمد الجاسر، وعبد القدوس الأنصاري، وابن خميس، والعبودي، والعقيلي، وابن جنيدل، والرفاعي، وزيدان، وضياء عزيز، وأمين مدني... الخ.

هؤلاء يختزل كل واحد منهم عشرات القصص المُلهمة، وخلّف إثره إرثاً علمياً عظيماً يخدم التاريخ والحاضر والمستقبل السعودي، الإنسان والحجر، وكم يحتاج جيل السرعة وثقافة «التيك توك» ووجبات الذكاء الاصطناعي الباردة، لهذه الشخصيات الحيّة بعظمتها الحقيقية من عرق وكفاح على صهوات الزمن التي أُتيح لهم ركوبها على جياد الزمن العابر.