علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

معاناة النمو

استمع إلى المقالة

سوق الأسهم السعودية تنقسم إلى قسمين، سوق الأسهم الرئيسية وتُسمى «السوق الثانوية» بحكم أن السوق الأولية هي سوق الطروحات، ثانياً، سوق نمو وتُسمى «السوق الموازية»، ولكل من السوقين شروطه وقواعده في حالة رغبة شركة معينة في الانضمام إلى أي من السوقين، وسوق نمو وُضعت لتشجيع الشركات للتحول لشركات مساهمة بدلاً من شركات فردية أو عائلية أو شركات ذات مسؤولية محدودة، أو غيرها من الشركات.

ولذلك جاءت شروط الانضمام إلى «سوق نمو» أقل من شروط الانضمام للسوق الرئيسية، فمثلاً، يكفي أن تكون القيمة السوقية للشركة الراغبة في الدخول إلى «سوق نمو»، عشرة ملايين ريال، أي مليونين وستمائة ألف دولار، وأن يكون الإفصاح عن النتائج كل ستة أشهر بدلاً من كل ثلاثة أشهر لشركات السوق الرئيسية، وكلُّ هذه تسهيلات وغيرها، تُقدَّر للجهات المشرفة على السوق التي وضعت شروطاً أخرى للتداول في «سوق نمو»، وهي أن تحمل شهادة اختبار أنظمة ولوائح السوق المالية السعودية (CME1)، أو يكون رأس مال محفظتك خمسة ملايين ريال فأكثر (مليون وثلاثمائة ألف دولار فأكثر) أو أن يكون معدل تدويرك أربعين مليون ريال سنوياً (عشرة ملايين وستمائة ألف دولار سنوياً).

هنا يبرز سؤال مهم وهو: لماذا وضعت الجهات المشرفة على السوق هذه الشروط؟ الجهات المشرفة وضعت هذه الشروط حماية للمتعامل الصغير من الخسارة، وحمايته من شطارة المضاربين الكبار، لكن ذلك واقعاً أضر بالسوق الموازية، إذ يبدأ التداول وينتهي وهناك شركات لم يُتداول عليها أي سهم، أي أن التداول صفري، وبعض هذه الشركات تكون قيم التداول أقل من مليون ريال للأسف، إذن... كيف نوازن بين حماية صغار المتعاملين وتنشيط السوق الموازية؟ أي «سوق نمو»، يمكن ذلك بطرق مختلفة، أولاً، قيام شركات الوساطة المالية بعقد ندوات افتراضية «أونلاين» لتعريف المتعاملين بـ«سوق نمو»، وكيفية التعامل مع السوق، وهذا سيكون مردوده جيداً لشركات الوساطة المالية؛ لأنه كلما زاد التداول في «سوق نمو» ازدادت عمولة شركة الوساطة المالية. ثانياً، تخفيف شروط التداول للأفراد تدريجياً، مثلاً من اشتراط خمسة ملايين ريال للتداول تخفف لأربعة ملايين ريال لمدة شهر، ثم ثلاثة ملايين، وهكذا دواليك، ثم تقيم التجربة لنرى إذا ما كان بإمكاننا تخفيف القيود من عدمه.

ثالثاً، وضع هيئة سوق المال كما عودتنا سؤال للجمهور «كيف نفتح سوق نمو للتداول؟ بدلاً من تقييدها؟» وأنا على يقين أننا لن نعدم حلاً.

وبعد كل هذا، فأنا أعرف أنه لا يمكن منع الخسارة في سوق الأسهم سواء للمحترف أو لغير المحترف، مهما عملنا من شروط حماية، ولكن قد تكون خسائر المحترفين أقل خطورة من غيرهم، لذلك أرى التدرج في فتح «سوق نمو» مع التدرج في رفع معايير الإدراج، كأن يكون الإفصاح ربع سنوي، على ألا تمس الحالات السابقة، وأن تعامل وفق معايير الإدراج السائدة وقت إدراجها، في حالة وصول رأس مال الشركة عبر رفعه تُخفَّف على سهمها قيود التداول، وأنا على يقين أننا لو فكرنا بصوت مسموع لوصلنا إلى نتيجة مرضية، تفعل تداولات «سوق نمو». ودمتم.