فهد سليمان الشقيران
كاتب وباحث سعودي
TT

حول الحروب... ومحاولات التثوير

استمع إلى المقالة

لا شك في أن المنطقة تتطور صراعاتها والطاقة الثورية في تصاعد بسبب الحروب الطاحنة التي لم تحلها الحوارات ولا المبادرات الأممية، مقترح بايدن هو الأفضل ومع ذلك لم تتقارب معه الأطرف المتحاربة.

إن الصحوة تحاول تنشيط آيديولوجيتها الثورية وهذا لا بد من الانتباه له، لذلك تناول مركز المسبار المسار التاريخي لما عرِف بظاهرة «الصحوة الإسلاموية»؛ التي توظفت فيها الأدبيات الإخوانية لتثوير التدين التقليدي؛ وتحويل قيمه الاجتماعيّة إلى آلة سياسية تنظيمية؛ تسعى لإقامة مجتمعٍ موازٍ ودولة موازية؛ باستغلال الظرف السياسي الإقليمي والدولي؛ منذ أواخر السبعينات من القرن المنصرم.

في هذا المضمار، يعرض كتاب «الصحوة والاسلام السياسي» الصادر عن مركز المسبار، سجالات حول نشأة الصحوة وعلاقتها بالتيارات الإسلاموية الأخرى، متتبعاً تنقلها، ومنشأها، ومحدداً أبرز منظِّريها، وكاشفاً عن تأثرها بـ»الإخوان المسلمين»، وبحركة الخميني، ومستعرضاً تأثيرها في أنماط وسلوكيات المجتمع، ومحاولتها اختطاف المحافظة؛ كما يعرض لمحاولات زراعة «صحوة متحوّرة» مستجدة، وكوابحها.

الكتاب افتتح بدراسة الصحوّة في شقها السروري، قدمها الباحث السعودي خالد العضاض، الذي أشار إلى أن مسمى الصحوة استخدم للتعبير عن حراك الإسلام السياسي لتلميع الصورة، التي كانت عليها الحركات في الخارج أمام المجتمع، فصار يعبَّرُ عن «الإخوان» بأطيافهم والسرورية وفروعها بـ«الصحوة» تجميلاً وتحسيناً لها، مستعرضاً جذور تسمية السرورية، وفروعها. تربط الدراسة تشكّل وإنتاج الصحوة الآيديولوجية بصفقة خروج «الإخوان» المصريين من السجون؛ أو لحظة توافق بعض الدوائر والأجهزة المصرية مع تنظيم الإخوان سنة 1971؛ التي قويت لاحقاً باجتماعات مأمون الهضيبي في حج سنة 1973، وتوسعت في عهد عمر التلمساني. يشير الباحث إلى أنّ السادات ومساعديه أخرجوا شيطان الصحوة من القمقم، مؤكداً أنّ الصحوة لم تكن استجابة لحالة تدينيّة طارئة؛ جازماً بأنها محض استجابة لإرادة ودعاية سياسية لها أسبابها. أدت الصحوة في الإطار السروري، إلى تسيّد «الإخوان» المصريين من جديد على حساب «الإخوا»ن السوريين، ونتج عن ذلك خروج محمد سرور إلى الكويت؛ الذي يصرّ الباحث أنه حدث بأمرٍ تنظيمي؛ لا علاقة للدولة به، بل وخروجه من القصيم إلى الأحساء كان بأمرٍ تنظيمي أيضاً حسب الدراسة. لاحقاً نشطت الأذرع الصحوية.

الخلاصة؛ أن الخطاب السروري السائد الذي بلغ ذروته في الثمانينات والتسعينات، ويتجدد الآن مع الأزمات الفائقة واتخذت القوى الأصولية من المنابر والمنصات الدعوية ميداناً لصياغتة وإعادة خطابٍ هو مزيج من الدعوية الدينية وترسيخ التثوير، حيث نشر عناوين متشابهة لدى جمع منهم تناقش مواضيع مثل: «سقوط الدول، التنصير، كفر الحكومات، الارتهان للغرب، العداء مع الولايات المتحدة، قضية فلسطين». وكل تلك المواضيع تتم معالجتها بطريقة سياسية راديكالية تتعالى على الواقع وظروفه. وكان للنهج القطبي دوره في تثبيت عرى الخطاب ودفعه بمقومات أدبية وحماسية تثير حماسة الشباب وتجعلهم بحالة استعداد واستنفار لممارسة أي نشاط من الدعوة وصولاً إلى القتال. إن التيار السروري تعرض لضربات قوية جعلته أقل قدرة على الحركة بالواقع، وذلك بسبب وعي الحكومة بأن هذا التنظيم هو مصدر لكل الأعطال التنموية وانتشار الكراهية الكارثية، وتغوّل الأفكار التكفيرية. وبعد أن تم حصار التيار راح يبحث عن منافذ أخرى للتأثير في المجتمع عبر رسائل خطيرة تتداول بالتطبيقات الإلكترونية.