هل تنجح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في قلب التوقعات بهزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترمب، والفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة؟
كامالا هاريس نجحت، حتى الآن، في قلب توقعات عدّة؛ إذ نجحت، خلال فترة زمنية قصيرة جداً، في تجسير الهوة التي كانت تفصل الديمقراطيين عن الجمهوريين في استفتاءات الرأي العام على المستوى القومي. كما نجحت في تجميع أموال تبرعات بشكل غير مسبوق في تاريخ كل الحملات، تجاوزت أكثر من نصف مليار دولار، وفي فترة قصيرة. كما نجحت في توحيد الحزب وراءها بكل تياراته، وبشكل غير مسبوق كذلك، وإعادة الزخم إلى الحملة الانتخابية الديمقراطية، وهي كلها مؤشرات تقود إلى استنتاج لا مناص منه: احتمال فوزها بالانتخابات، واحتمال أن تكون أول امرأة تحكم أميركا.
المعلّقون السياسيون في أميركا وعواصم الغرب يلتفّون حول هذا الاحتمال بشكل واضح، وفي ذات الوقت يشيرون إلى تباطؤ ملحوظ في زخم حملة المرشح الجمهوري دونالد ترمب. وأغلبهم يعزون ذلك إلى حالة من الارتباك سادت المسؤولين والمرشح ترمب بعد إعلان هاريس ترشحها، وكذلك نتيجة الفشل في تبنّيهم استراتيجية انتخابية جديدة، مخالفة لتلك المصمَّمة ضد المرشح السابق بايدن، وتكون قادرة على إيقاف المرشحة الديمقراطية هاريس، وتعيد الزخم الإعلامي لحملتهم إلى الوضع الذي كان عليه قبل قرار المرشح الديمقراطي السابق الرئيس جو بايدن بالانسحاب.
الاستطلاعات تؤكد أن المرشحة الديمقراطية هاريس تتقدم المرشح الجمهوري ترمب في عديد من الولايات المهمة في استفتاءات الرأي العام، والتي يتوقف الفوز في الانتخابات عليها، وتشير كذلك إلى تململ المسؤولين في قيادة حملة المرشح الجمهوري من تصرفات ترمب، ورفضه التزام اتباع نصائحهم بضرورة التركيز في حملاته على البرنامج الاقتصادي، والابتعاد عن انتقاد المرشحة الديمقراطية هاريس.
ومن الواضح أن المرشح ترمب ومسؤولي حملته قد فوجئوا بقرار الرئيس بايدن بالانسحاب من الترشح للانتخابات، كما فوجئوا بالدعم والزخم الكبيرين اللذين حظيت بهما المرشحة هاريس خلال فترة زمنية تعدُّ قصيرة. وها هي الآن، تتقدم المرشح ترمب في استفتاءات الرأي العام على المستوى القومي، وعلى مسافة زمنية لا تبعد كثيراً عن اليوم الموعود.
إلا أن عديداً من المعلقين ما زالوا متردّدين في القول باحتمال تمكّن كامالا هاريس من الوصول إلى البيت الأبيض وحكم أميركا، ويشيرون إلى ما حدث للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016 من مفاجآت في الأسابيع الأخيرة، وتمكّن المرشح الجمهوري آنذاك دونالد ترمب من قلب الطاولة، والفوز بالانتخابات، على الرغم من حصوله على عدد أقل من الأصوات من المرشحة هيلاري كلينتون. وهم يرون أن وجود المرشحة هاريس في منصب نائب الرئيس حالياً، ربما يكون أحد أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم فوزها بالانتخابات. ويوضحون قائلين إن وجود الرئيس بايدن في البيت الأبيض يعدّ بمثابة قيد شديد يوثقها، ويجعلها غير قادرة على مواجهة منافسها الجمهوري ببرنامج سياسي واقتصادي مستقل ومخالف للذي تبنّاه الرئيس بايدن منذ مجيئه إلى الحكم عام 2020، فهي على سبيل المثال، ملزمة أخلاقياً وسياسياً بمواصلة نفس البرنامج، وعدم مخالفته أو انتقاده، وكأن الرئيس بايدن باقٍ ولم ينسحب من الترشح، أي أن التغيير سطحي، اقتصر فقط على إحلالها هي مكان المرشح بايدن لا غير؛ لأسباب معروفة، تعود إلى تدهور صحة الرئيس بايدن، وليس بإبداع برنامج سياسي واقتصادي مختلف. وهي ملتزمة أخلاقياً مواصلة السياسات نفسها، والسير على الخط نفسه والخطوات نفسها؛ لأنها وصلت إلى منصب نائب الرئيس بناءً على تأييدها له، وقناعتها ببرنامجه، وسعت خلال السنوات الماضية من وجودها في البيت الأبيض إلى تحقيقه وإنجاحه. وبالتالي، لم تُتَح لها الفرصة لإبداء تميّزها إلا في هوامش مسموح بها، وقليلة، ولأسباب انتخابية لا غير.