مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

كوكوريلا وهالاند... وحروب الكلام

استمع إلى المقالة

نصر بن سيّار الشاعر العربي والوالي الأموي على خراسان قال في قصيدته الأشهر، الخالدة، في تحذير الدول النائمة عن المخاطر التي تسري تحت الأرض، دون أن يشعر بها من فوق الأرض؟

وإنَّ النارَ بالعودين تُذكى

وإن الحربَ مبدؤها كلامُ!

بل إن القصائد نفسها كانت سلاحاً احترافياً في الحرب، قد يقوم مقامها، في تخويف العدو، وشحذ همّة القوم، وما مثال قصيدة «الخلوج» باللهجة العامية النجدية للشاعر الحماسي الشهير محمد العوني غير مثال عابر على ذلك.

الحرب تتخذ صوراً كثيرة، منها حروب التنافس الرياضي، الذي ربما وصل لحدّ المبالغة الفجّة، في صراعات المباريات، سواء على مستوى الفريق أو الفرد.

لمحبّي رياضة كرة القدم، والدوري الأقوى والأشهر في العالم، وهو الدوري الإنجليزي، فإن مباراة نادي مانشستر سيتي ونادي تشيلسي الأخيرة كانت مواجهة خاصة بين مهاجم السيتي العملاق النرويجي إرلينغ هالاند ومدافع تشيلسي، الإسباني مارك كوكوريلا، إنها مواجهة من النوع الخاص.

كوكوريلا، صاحب الشعر الغزير، قال في حديثه وهو في حالة سُكر، كما ذكرت بعض التقارير حينها، عن نجم مانشستر سيتي إرلينغ هالاند، بعد احتفال منتخب الإسبان بالفوز بلقب «يورو 2024»: «هالاند يرتجف لأن كوكوريلا قادم».

لسوء حظه سجّل هالاند هدف الافتتاح لمانشستر سيتي في فوزه 2-0 على ملعب «ستامفورد بريدج»، وكان الهدف من خطأ للاعب الإسباني نفسه، كوكوريلا!

بعد صافرة النهاية، وعندما سأل الصحافي، اللاعب هالاند، عن كوكوريلا، ردّ إرلينغ هالاند على غريمه الإسباني: «كوكوريلا رجل مضحك، في الموسم الماضي طلب مني قميصي، وهذا الصيف غنى أغنية عني».

هل حديثنا عن أجواء الدوري الإنجليزي، ومعارك نجومه مع بعضهم البعض؟

الحق أني أريد أن أتكئ على ذلك، للاعتبار، والحكمة ضالّة المؤمن، أنّى وجدها فهو أولى بها، حتى لو كانت بين أقدام هالاند وسيقان كوكوريلا.

العبرة هي أن تجعل كلامك أقل من أفعالك، وإن حصل ألا تتكلم حتى تفعل... فافعل، وإن حصل ألا تتكلم لا قبل ولا بعد، فهو خيرٌ وأهدى سبيلاً.

مثلاً، إذا كنت تنوي ردع وتأديب عدو غاشم، قتل ضيوفَك في عقر دارك، واغتال صفوةَ قادتك في شققهم، وقصف معسكرات أتباعك، في كل مكان، وسرق معلوماتك السرّية، فالواجب أن تردّ وتثأر، أو تعفو وتنسى، أما أن تكتفي بالويل والثبور، وعظائم الأمور، وبعض الفيديوهات التحفيزية، فذا ينقصك ولا يزيدك، ويجعل موقفك حرجاً، مثل موقف صاحب الشعر المخيف، كوكوريلا، مع المهاجم الغاشم، هالاند!