لطفي فؤاد نعمان
كاتب وباحث سياسي يمني
TT

الحياة الطيبة لليمنيين

استمع إلى المقالة

«غالباً ما يقول (ويفعل) السياسيون أشياء خاطئة في البداية، ولكن لنقدم لهم بعض الثناء عندما يصححون لأنفسهم»، هكذا (بتصرف) يقول الصحافي البريطاني الساخر توم فيليبس، في مقاربة منه للموضوعية، و«ألا يجرمنا شنآنُ قوم على ألا نعدل»، بل ننصف وننوه بما يستحق التنويه.

مما يستحق التنويه ما أُعلن عنه، قبيل حلول عيد الأضحى المبارك، بشأن فتح طرق أكثر من مدينة يمنية خضعت للحصار منذ عشر سنين. هذا الفتح الطبيعي يبدو إنهاءً لحالة غير طبيعية، بمبادرات من بعض قيادة الدولة اليمنية على الجانب الشرعي في مقابل الجانب غير الشرعي، وكذا مبادرات مجتمعية محمودة من قبل شخصيات اعتبارية، بيد أن وجهة نظر أخرى تشدد على أهمية ضبط الأمر وتقنينه وتأمينه. لعلها تستهدف الربط بين استحضار هيبة - تبدو - مفقودة، وبين اهتبال فرصة سلام - تبقى - منشودة.

ويبقى لسان الحال على ما اعتاد عليه: «كلما قلنا عساها تنجلي... قالت الأيام: هذا مبتداها». ولَكَم تكرر قول: «هذا مبتداها» بفضل طوارئ غير معقولة، دون أن تمنع استمرارية الاجتهاد في فتح طرق #السلام_لليمن.

يذكر جميع متابعي تطورات «الأزمة اليمنية - (اليمننة)»، أن أُعلنت مبادرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مارس (آذار) 2021، وبوحيها وقع «اجتياح سياسي» على صنعاء بزيارة السفير محمد آل جابر في أبريل (نيسان) 2023، مهدت للسيد هانس غروندبرغ المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن أن يبشر بخريطة الطريق في ديسمبر (كانون الأول) 2023، التي سرعان ما غطست أوراقها وسط مياه البحر الأحمر بفعل تداعيات الهجمات على الملاحة الدولية، وانخراط ميليشيات محلية إقليمية جلبت البوارج الدولية، بعد «طوفان الأقصى»، مما أجل قرب الانفراج اليمني وانجلاء «اليمننة». إلا أنه مما يستحق التنويه أيضاً هو السعي الدؤوب للسيد غروندبرغ ورحلاته المكوكية بين نيويورك وعمان ومسقط والرياض وطهران وأبوظبي، وعزمه على إخراج الخريطة من هذا «المغطس» وتجنيبها الغرق تماماً.

بعيداً عن حسابات الربح والخسارة الإعلامية والسياسية لأصحاب مبادرات إعلان فتح الطرق من وراء إطلاق هذه المبادرات، إلا أن تنفيذها مرتبط بما يستفيده المواطنون اليمنيون ويخفف معاناتهم؛ لأن تخفيف المعاناة الإنسانية للمواطنين اليمنيين هدف كل الحريصين على استقرار اليمن وإنهاء مأساته. ويتبارى على تحقيق هذه الغاية كل من يملك وسيلة تحقيقها على أرض الواقع.

وبينما يعلن اليمنيون كلٌ بطريقته عن فتح الطرق، تجد البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يسبق إلى شق الطرق الاستراتيجية فعلاً. ويعتني وفق حوكمة ومنهجية عمل مؤسسية كفيلة بتحقيق أهداف البرنامج بهدوءٍ بعيداً عن مزايدات أي طرف، مسترشداً بمنهج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الواضح وهدفه المعلن «الحياة الطيبة لليمنيين»، وفي «سياق تهيئة منطقة مستقرة بتنمية اقتصادية يسعى إلى إلغاء وجود المشاكل في اليمن، مع الحرص على تقدمه في كل المجالات». مع مواصلة إنفاق مليارات الدولارات من باب المساعدات الإنسانية وكذا الاقتصادية، «وفي ظل وقف النار مؤقتاً وإن لم يتم الاتفاق السياسي حتى الآن»، فإنهم ماضون في عملهم الخلاق لا تثنيهم عقبات ولا تعيقهم تحفظات.

على هذه الضفة من «اليمننة» يهتم من يهتم بجوانب استراتيجية تشق طرق السلام لليمن بينما يغرق من يغرق في تفاصيل تكتيكية واستعراضات سياسية. يكسب الاحترام من يخفف المعاناة وتتواءم أفعاله مع أقواله، ويستمر في شق طريق. #السلام_لليمن.

* كاتب وباحث سياسي يمني