دائماً ما يدور سؤال مهم عن الادخار في العالم العربي وهل يدخر العربي؟ ليست لدي دراسة علمية عن ذلك، ولكن إذا تتبعنا الأمثال في العالم العربي فسنجد الأمثال تحث على الادخار؛ ومنها «احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود»، ورغم سوداوية المثل فإنه مطبق في العالم العربي، المثل الآخر «اجمع القرش إذا سقط فإنما السيل من نقط»، وهو مثل حضرمي يحث على عدم الإسراف، وهناك أمثال تدعو للتوازن بين الدخل والمصاريف، مثل المثل القائل «مد رجليك على قدر لحافك» وهو مثل يدعو الفرد بأن لا تتجاوز مصروفاته دخله، وذلك لكي لا يقع تحت طائلة الدين ورحمة الدائنين.
وبالمشاهدات، فإن العالم العربي يعرف الادخار من خلال طرقه الخاصة، فمثلاً النساء يشترين الذهب للزينة ولمجابهة أزمات الزمن، وكم من عربية باعت مصاغها لمساعدة أسرتها، وبعض الرجال والنساء تجدهم يشترون الدولار الأميركي والجنيه الإسترليني أو اليورو لمجابهة عاديات الزمن، وتعبيراً عن عدم الثقة بالعملة المحلية.
وبعض المتعلمين في عالمنا العربي يذهبون لشراء بوليصات التأمين محددة المدة، وعبر الاقتطاع الشهري، ويعزف كثير من الأفراد في عالمنا العربي عن مثل هذا النوع من الادخار، أي عبر بوليصات التأمين نتيجة البُعد العقائدي.
وقد كان بعض الأفراد يعزفون عن التأمين على المركبات والتأمين الصحي؛ نتيجة البُعد العقائدي حتى أتت فتوى «القصد مقابل الأمن»، بمعنى أن القصد الشهري الذي يدفعه الفرد لشركة التأمين يقابله الأمن المتحقق له فيما لو وقع له حادث لا سمح الله.
وخبراء الاقتصاد اهتموا بالادخار بشكل واضح، فهم يحثون الأفراد على الادخار؛ لدرجة أنهم حددوا نظريات في الادخار منها أن على الفرد أن يبدأ بتحديد نسبة من دخله للادخار تتراوح ما بين 15 و25 في المائة، ثم يبدأ بالصرف على حاجاته، أي أنه يحدد نسبة الادخار أولاً.
السعودية، وعبر «مركز إدارة الدين» أطلقت برنامجاً ادخارياً لتشجيع مواطنيها على الادخار، وحددت مبلغاً متدنياً، حداً أدنى، يبلغ 1000 ريال (266.6 دولار)، وهو مبلغ متدنٍ، ولكنه مع الزمن مفيد جداً يجعل الفرد يجابه تحديات الزمن، مثل تعليم الأبناء أو علاجهم، أو المساعدة في شراء منزل للأسرة، وهو برنامج مضمون، أي أنه لا خطر على المشترك من الخسارة مع إمكانية كسر الصك في أي وقت عند الحاجة وفق شروط حددها البرنامج، مثل عدم الاستفادة من الأرباح إذا كسر الصك قبل الموعد المحدد، وقد درس البرنامج المجتمع المستهدف، وأعلن أن برنامجه متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
هذه البرامج الادخارية هي ما تحتاجه الأسرة في السعودية والعالم العربي؛ لمجابهة تحديات الزمن، مع التأكيد أن البرنامج الادخاري السعودي مقتصر على المواطنين السعوديين بجنسيهم.
السعودية أطلقت اسم «صح» على برنامجها الحكومي، وهو اختصار للاسم «صكوك حكومية» وتمنيت لو أن الاختصار استخدم تعليلاً آخر، وهو «الادخار صح»، أي أن الادخار هو الطريق الصحيحة للفرد والأسرة. ودمتم.