جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

الكل يأكل «الحلال»

إذا كنت متابعا للصحافة الأجنبية، وبالتحديد الإعلام البريطاني، لا بد أنك سمعت بقضية اللحم «الحلال»، كما جاء في عناوين الصحف والنشرات الإخبارية. القصة وما فيها، هو أنه تبيّن بأن عددا كبيرا جدا من المطاعم المعروفة ومحلات السوبرماركت في بريطانيا تقدم اللحم الحلال المذبوح على الطريقة الإسلامية، من دون الإفصاح عن الأمر وإعلام المستهلك.
ردة الفعل لم تأت بشكل كبير من قبل العامة‘ إنما من قبل جماعات الرفق بالحيوان، التي تعارض طريقة ذبح الحيوان من دون صعقه بتيار كهربائي، حتى لا يشعر بالألم.
قد يكون هذا الخبر سارا بالنسبة لزوار المملكة المتحدة والمقيمين بها من مسلمين، لأنه بذلك سيكون بوسعهم الأكل في معظم المطاعم من دون الحاجة لطرح أي سؤال، ولكن دعنا نقارن ما بين ما حدث في بريطانيا وما يحدث يوميا في عدد من بلداننا العربية. الاعتراض في بريطانيا ليس على أكل اللحم «الحلال» إنما بسبب عدم إخطار المستهلك بذلك، خاصة بعد فضيحة تخص الطعام كانت قد رشحت منذ فترة قصيرة، تبيّن من خلالها أن لحم البقر في السوبرماركت ممزوج بلحم الخيل، ونفس الشيء حصل حينها، وقاطع كثيرون مراكز البيع الكبرى، وعادوا أدراجهم إلى محلات الجزارين المحلية.
فالمستهلك لديه كل الحق لمعرفة ما يأكله، وهذه هي النقطة الأساسية.
ولكن يا ترى هل يتمتع المستهلك العربي في بلداننا العربية بهذا الحق؟ وهذا الأمر لا ينطبق فقط على نوعية الطعام فقط، وإنما على النظافة والأمانة أيضا؟
أزمة اللحم الحلال الحالية في بريطانيا، لا تأخذ طابعا دينيا وإنما أخلاقيا، فمن المعيب بأن تقدم المطاعم والسوبرماركت أي نوع من اللحم من دون الإفصاح عما فيه وعن مصدره، وإذا كنتم غير متابعين لهذه المسألة وتتساءلون عن سبب اعتماد المحلات بيع اللحم الحلال، فالجواب هو «التوفير المادي» فيجري استيراد اللحم الحلال من مزارع في نيوزيلاندا وغيرها تبيع اللحم بكميات ضخمة، فتكون التكلفة منخفضة، وهذا ما يهم المطاعم في نهاية المطاف.
أعضاء جمعيات الرفق بالحيوان في بريطانيا يعترضون على ما يعتري الحيوان من ألم أثناء ذبحه، وهم أحرار في وجهة نظرهم، ولكن من يشعر بألم البشر والأطفال الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر؟ وستتعجبون إذا أخبرتكم بأن الفقر موجود في بريطانيا، وهناك العديد من العائلات التي لا تملك المال لشراء الطعام، لذا تنتشر ما تعرف ببنوك الأكل التي تقدم المنتجات الأساسية للعائلات الفقيرة.
أما بالنسبة لبلداننا العربية، فمن يأبه بما نأكل؟ ومن يدقق في نوعية ما نستهلك؟ فكم من مرة جرى التعتيم على فضائح في لبنان مثل استيراد لحم فاسد، أو صفقة أدوية مغشوشة؟ الجواب هو عدة مرات!