مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الصراع بين رجب وفتح الله

«الخائن.. الإرهابي الأكبر» هكذا وصف رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم، أبرز مؤثر اجتماعي وسياسي واقتصادي في تركيا، الداعية فتح الله غولن.
الأخير بدوره وصف حكم الرئيس رجب طيب إردوغان بنظام أشبه بـ«عشيرة أو حكم قبلي». وزاد في نقمته الوصفية قائلا إن التاريخ يعلمنا «بأن الطغاة يمكنهم الوصول إلى السلطة بدعم عدد كبير من الناس، مثل أدولف هتلر وصدام حسين».
للتذكير فنحن نتحدث عن تيارين تركيين ينطلقان من خلفية دينية قومية، بمقاربات مختلفة، لكن حتما لا نتحدث عن حزب إسلامي يواجه حزبا أتاتوركيا علمانيا صرفا، أو تيارا علويا معارضا.
بعبارة أخرى هي مواجهة شرسة بين تيارين ينتميان إلى اليمين التركي المحافظ، أغلب قواعدهما من الريف التركي الكبير ومن الطبقة المتوسطة أيضا.
معنى هذا الكلام أن الحماسة التي «يقتحم» بها بعض الصخابين العرب المشهد التركي الأخير، دون توقف عند هذه الحقيقة، تكرس الطيش والخفة في إبداء الموقف السياسي. الآن إردوغان يريد «اجتثاث» جماعة «الخدمة»؛ هو اسم شبكة غولن الكبرى في تركيا، الموجودة في كل مكان، بما في ذلك الجيش والشرطة والمخابرات والقضاء والتعليم.. إلخ، وقد شرع بالفعل في اعتقال وعزل الآلاف، وما زال مستمرا لحظة نشر هذا المقال.
هل سيتمكن من إزالة كل أنصار الداعية العجوز المقيم في أميركا، فتح الله غولن؟
سيكون هذا هو الامتحان الخطير والمثير أمام صولة الغضب الإردوغانية الحالية، فنحن لا نتحدث عن تيار هامشي في تركيا، بل عن تيار يعتمد عوامل جذب معنوية ومادية، تشبه عوامل الحزب الحاكم.
هذا يقودنا إلى السؤال مجددا عن ضجيج التناول الإعلامي العربي، خصوصا في الميديا الجديدة، حول القصة التركية، لدرجة أن أحد نشطاء الفكر «الصحوي» بالسعودية طالب إردوغان بسرعة تطبيق الشريعة - وفق تصوره الخاص - ليسارع إسلامي تركي إردوغاني مطالبا هذا الناشط بإغلاق فمه، وعدم التطفل!
لا ضير أن ينحاز أحد إلى طرف ضد طرف بتركيا، فما يجري فيها يعني المنطقة كلها، وتركيا دولة كبرى، لكن ذلك يكون بعد الحد الأدنى من الاجتهاد في الفهم والتصور.
على كل حال، ما ظهر بتركيا، حتى الآن، هو صراع دامٍ بين المتقاربين لا المتباعدين. وهذا سر غرابته وشراسته.
[email protected]