طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

إيران وحماس والأزمة التركية

سارعت إيران وحركة حماس لتقديم التهنئة لتركيا عقب فشل محاولة الانقلاب هناك، مؤكدتين ضرورة احترام الشرعية، والعمل الديمقراطي، حيث قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «إن زمن الانقلابات العسكرية وفرض الآراء باستخدام المدافع والدبابات قد انقضى، وإن صناديق الاقتراع هي التي تكفل الحلول لمشكلات المنطقة».
بينما قالت حماس في بيان لها: «نتقدم بالتهنئة للشعب التركي العظيم، وقيادته المنتخبة»، واصفة إفشال محاولة الانقلاب بـ«الانتصار العزيز في الحفاظ على الديمقراطية، والحرية والاستقرار»! حسنًا؛ هل نحن هنا أمام حالة انفصام، أم إننا أمام مزاح سياسي؟ هل يعقل أن يقول الرئيس الإيراني: «إن سبل إيجاد حلول لمشكلات المنطقة تتمثل باتباع الديمقراطية واحترام الشعب»، بينما أبرز المعارضين الإيرانيين لا يزالون في السجون، وتحت الإقامة الجبرية منذ عام 2009؟ هل يعقل أن يقول الرئيس الإيراني ما يقوله والأمم المتحدة تتهم إيران بالأمس بإرسال أسلحة لجماعات في العراق؟
إذا كانت إيران فعلاً تحترم صناديق الاقتراع، والعملية الديمقراطية، وتبارك للشرعية في تركيا، فماذا عن احترام الشرعية في اليمن؟ ماذا عن احترام الحكومة الشرعية هناك، والكف عن دعم الحوثيين؟ ماذا عن احترام النظام الديمقراطي في لبنان، والكف عن تعطيل الانتخابات الرئاسية هناك، حيث لا يزال لبنان بلا رئيس؟ والأدهى من كل ذلك أن إيران تقارن بين الرئيس التركي إردوغان، ومجرم دمشق، بشار الأسد، وتقول إنهما يمثلان الشرعية في تركيا، وسوريا، فهل يعقل أن الدولة التي تدعي احترام الديمقراطية وصوت الشعوب تدافع، بالمال والسلاح، عن الأسد قاتل قرابة نصف مليون سوري، عدا ملايين المشردين؟ هذا عدا دعم الطائفية في العراق، وتأجيج الصراع هناك من خلال فرض النفوذ الإيراني على العراق، والعراقيين!
هذا بالنسبة لإيران، وإن كانت الأمثلة على العبث الإيراني، سواء في إيران، أو المنطقة، لا يكفيها مقال، أما بالنسبة لحماس، فإن شر البلية ما يضحك.. فهل يعقل أن تبارك حماس انتصار الشرعية، وتدعو لاحترام الديمقراطية، وهي التي انقلبت على السلطة الفلسطينية في غزة، وقامت برمي معارضيها من فوق أسطح المباني هناك؟ وفوق هذا وذاك تتحدث حماس عن احترام إرادة الشعوب، وهي، أي حماس، تعلن اعتزازها بالتحالف مع إيران التي تعمل على قدم وساق لزعزعة استقرار المنطقة في اليمن، والعراق، ولبنان، وتقاتل جنبًا إلى جنب مع مجرم دمشق، حيث تزوده بالمال والسلاح! أمر مثير للدهشة فعلاً.
وعليه، فإذا كانت إيران، وحماس، تؤمنان بضرورة احترام الشعوب، والعملية الديمقراطية، فمن باب أولى أن تكف إيران عن قمع معارضيها، وتكف يدها عن التدخل في العراق، واليمن، ولبنان، وسوريا. كما أن على حماس أن تنهي انقلابها في غزة، وتقف موقف صدق، ونخوة، تجاه إيران، وما تفعله في سوريا ضد السوريين. عدا ذلك، فإن كل ما تقوله إيران، وحماس، ما هو إلا مماحكة، وضحك على الذقون.

[email protected]