من المرعب دومًا لأي أب أو أم رؤية طفله يفقد الوعي. ومع ذلك، فإن ظاهرة فقدان الوعي أكثر شيوعًا واقع الأمر عما يدركه الكثيرون.
علميًا، يعرف الإغماء أو فقدان الوعي باعتباره فقدانا مؤقتا للوعي يحدث فيما بين 15 في المائة و20 في المائة من الأطفال. والمؤكد أن الكثير من الآباء والأمهات سيشعرون بالاطمئنان لدى علمهم أن الإغماء ليس بالأمر الخطير، في أغلب الحالات، ولا يمثل نتاجًا لمشكلات بالقلب سوى فيما يتراوح بين 2 في المائة و6 في المائة من الحالات.
عندما يعرض أب أو أم طفله على طبيب بسبب تعرضه للإغماء، تتمثل النقطة الأهم في الكشف في مدى تمتع الطفل بتاريخ صحي جيد. وعليه، أحرص من جانبي على سؤال الوالدين والطفل عددًا من الأسئلة - وكذلك سؤال شهود آخرين عدا الوالدين، كانوا موجودين وقت حدوث الإغماء.
رصد ظروف الحالات
من خلال الأسئلة التي أطرحها، أود معرفة متى وقع الإغماء؟ هل حدث في الصباح المبكر بمجرد استيقاظ الطفل؟ هل تناول الطفل شيئا قبل تعرضه للإغماء؟ هل يتذكر كيف كان شعوره قبيل فقدانه والوعي مباشرة؟ هل شعر بدوار أو شعور يبعث على الضحك؟ هل كان يمارس تدريبات رياضية وقت وقوع الإغماء؟ هل يتذكر لحظة استفاقته وكيف كان شعوره؟ هل تبول على نفسه؟ أما الأهم مما سبق فهو ما إذا كان هناك أي تاريخ أسري للتعرض لأزمات قلبية أو وفيات مفاجئة. كما ينبغي طرح أسئلة حول ما إذا كانت حالات غرق أو نوبات مرضية في الأسرة.
غالبًا ما يرغب الآباء والأمهات في إخضاع الطفل للكثير من الفحوصات للتأكد من استبعاد جميع الاحتمالات الخطيرة، لكن بعد التأكد من تمتع الطفل والأسرة بتاريخ صحي جيد، ينبغي أن تكون الخطوة التالية مجرد فحص طبي تقليدي للطفل.
غالبًا ما يكون السبب الأكثر شيوعًا للإغماء بين الأطفال مرتبطًا بضغط عصبي أو عاطفي، مثل رؤية الدم، لكن هناك أسباب أخرى كذلك مثل الشعور بالجوع وانخفاض السكر في الدم والقلق والجفاف. ويطلق على هذا النمط من الإغماءات، إغماء وعائي مبهمي. ولحسن الحظ، يمكن السيطرة عليه عبر توجيه المرضى بخصوص كيفية رصد الأعراض وحماية أنفسهم من السقوط والتعرض لإصابات (ليس بسبب الإغماء، وإنما بسبب التعرض لإصابة في الرأس جراء السقوط).
لذا، احرص على التنبيه على كل مريض تعرض لإغماء إلى أنه حال شعوره بدوار أو أنه على وشك فقدان وعيه، عليه المسارعة إلى الجلوس، لأن الإغماء لا يقتل، لكن تهشم الجمجمة جراء السقوط قد يقتل بالفعل.
إشارات تحذير
بالنسبة للأطفال الذين يتعرضون للإغماء للمرة الأولى، عادة ما أجري عملية تخطيط كهربائي للقلب لهم، وهو اختبار بسيط، وذلك بهدف استبعاد احتمالية وجود اضطراب في نبضات القلب أو حدوث تضخم في القلب.
ومع أن لكل حالة طابعها الخاص، تبقى هناك إشارات تحذير ينبغي أن تدفع المرء للخضوع لتقييم طبي أوسع، مثل التعرض لإغماء أثناء ممارسة الرياضة. كما أن وجود تاريخ أسري يتعلق بأمراض معينة في القلب يستلزم إخضاع المريض لمزيد من الاختبارات. في تلك الحالات، أقوم بتحويل المريض إلى اختصاصي قلب أطفال لمزيد من الفحص، الأمر الذي قد يتضمن إجراء مخطط لصدى القلب أو اختبار إجهاد أو حتى مراقبة القلب.
شخصيًا، تعرض أطفالي الثلاثة للإغماء خلال مرحلة المراهقة، لكنني كنت مدركة لأن هذا الأمر أكثر شيوعًا بكثير عما يظنه أغلب الناس. والغريب أنه بدا لي أن الثلاثة في عمر تجاوز الفترة المعتادة للإغماء بين الأطفال. ومن خلال تجربتي العملية، خلصت إلى أن الإغماء أكثر شيوعًا بكثير خلال فترة المراهقة وفوران الهرمونات.
* الخدمة المتميزة للأخبار الصحية خدمات «تريبيون ميديا»