جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

عناوين مفخخة!

لا يختلف اثنان على أن العنوان هو أول ما يجذب القارئ ويشده ويدعوه إلى قراءة المقال أو الموضوع أو العمود أو أي خبر، مهما كان نوعه ووزنه، وبالتالي اختيار العنوان برأيي المتواضع هو فن.
بعض الكتّاب يبدأون به، وآخرون ينتهون من الكتابة ومن ثم يختارون العنوان المناسب. أيضًا لا مشكلة في إضافة الملح والبهارات واللعب بالكلمات عند اختيار العنوان، فهذه هي الصحافة، وهذا ما يعتمد عليه الصحافيون الماهرون.
إلا أنني لاحظت هذه الأيام أن هناك عنوانًا أو بالأحرى كلمة تتكرر في عناوين الأخبار الفنية على شبكات التواصل الاجتماعي وهي «فجر» أو «تفجر» وكأنه ينقصنا في منطقتنا العربية تفجيرات! ويا ليت كان التفجير الفني على المستوى المطلوب، لكي يدوي انفجارًا مسموعًا، لأن الخبر يكون مفاده بأن الفنانة الفلانية فجرت مواقع التواصل الاجتماعي بسبب صورة نشرتها على حسابها على «إنستغرام»، وبعد هذا «التفجير» يأتي إضرام النار، وهذا ما ينقصنا أيضًا، فعند قراءة الفعل «أشعل» أو «أشعلت» في عنوان مثلاً عن فنانة تزوجت ولم تفصح عن هوية عريسها المحظوظ، فإنك تشعر وكأنك تقرأ خبرًا عن حريق هائل اندلع وبحاجة ماسة إلى رجال الإطفاء.
لاحظت أيضًا بأنه على مدى أسبوع بأكمله تتداول بعض المواقع الصحافية الإلكترونية الخبر نفسه لكن بالتقسيط، كيف؟ فمثلاً في اليوم الأول تشعل الفنانة مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها نشرت صورة لها وهي متوجهة إلى غرفة التوليد، وبعدها تشعل المواقع بنشر صور الثياب التي اختارتها للمولود المنتظر، وبعدها يشتعل الموقع مرة جديدة، لأن إنذار الولادة كان خاطئًا ودق ناقوس الخبر قبل أوانه، وبعد الولادة تعود المواقع نفسها بتكرار الخبر بسؤال، هل ستفصح فلانة عن جنس المولود؟ هل ستنشر صورًا له؟ والمضحك هو أن الموقع نفسه يكون قد نشر خبر جنس المولود، فما الجديد إذن؟
الخبر الآخر الذي أشعل المواقع الإلكترونية الأسبوع الماضي، وبالتالي أشعل أعصابي، هو خبر انفصال مطرب عربي عن حبيبته وخطيبته الإعلامية، ويا له من حريق لم يصل لهبه إلا إلى الذين يشكون من خلل في حاسة اللمس والشم، لأن الخبر ليس فيه لا رائحة ولا ملمس، بل هو ممل وتراتبي، عرفنا تفاصيله من الموقع نفسه خلال الدورة الأولى من التفجيرات العشوائية التي لم يقع ضحيتها إلا من كتب الموضوع ومن قرأه وتابع حيثياته الغبية، وعندما تنفد بهارات الموضوع يفجر الموقع مفاجأة أخرى، كيف؟ لأن والدة المطرب العريس السابق صرحت عن سبب الانفصال.
في أوروبا صحف الـ«تابلويد» معنية بنشر أخبار مثيرة للجدل، ولكن أجزم بأنها لم تدعِ قط بأنها فجرت أي شيء ولا حتى حصى في الكلى، وحتى عندما جن جنون المغنية الأميركية بريتني سبيرز وحلقت شعرها بالكامل ونشرت صورتها، أذكر جيدًا بأنه لم يستعمل تعبير التفجير، ولم يشتعل إلا قلب محبيها على ما آل إليه وضعها النفسي وصحتها العقلية.
وفي آخر تفجير على أحد المواقع كانت المفاجأة التي أتحفنا بها من خلال كشف أعمار الفنانين العرب المشاهير، ويا لها من مفاجأة، ففي أوروبا وفي مستهل كل خبر عن أي نجم أو نجمة يوضع اسم الفنان وبين قوسين سنه أو سنها، فتخيلوا لو طبق هذا الوضع في عالمنا العربي، فهنا تكون المفاجأة التي ستشعل وتفجر وتزلزل الدنيا، وعند تطبيق هذا الأسلوب «خذوا على تفجيرات».