جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

سياحة الواي فاي

هل سمعتم بسياحة الواي فاي؟ إذا كنتم من المحظوظين المتحررين من عبودية الانترنت ومشتقاتها فهذا يعني أنكم لم تسمعوا بسياحة الواي فاي، أما إذا كنتم من أنصار التكنولوجيا والواي فاي والخيوط العنكبوتية، عفوا الشبكة العنكبوتية، ولو أن التسمية الاولى هي أفضل، لأن التعلق بالانترنت هو أشبه بالوقوع في شباك العنكبوت.
لنبدأ.. فكرتي جاءت بعدما وصلتني صورة حقيقية وضعت عند مدخل مطعم، للوحة كتب عليها :" ليس لدينا خدمة واي فاي، هل ستبقى أم سترحل؟ وبالفعل هذا سؤال يسأله الناس في حياتهم اليومية وحتى في أسفارهم، فأعرف الكثير من الاشخاص الذين يطرحون هذا السؤال على الفندق الذي ينوون النزول به للتأكد مما إذا كانت خدمة الواي فاي "المجانية " متوفرة، وإلا فسيتوجهون الى فندق آخر.
أنا لا أبالغ، هذه هي الحقيقة المرة، والواقع الأمر هو أنني من هؤلاء الاشخاص العالقين في شباك العنكبوت، فالأسبوع الماضي كنت في رحلة الى لوس أنجليس، ولسوء الحظ لم تكن خدمة الواي فاي "المجانية" متوفرة في غرف الفندق، لكنها متوفرة فقط في بهو الفندق. وبحسب معلومات موظف الاستعلامات، الارسال الانترنتي قوي جدا عند الكنبة الموجودة في وسط البهو، وأعتقد بأن الموظف أعطى هذه المعلومة لجميع النزلاء، لأنهم كانوا يتسابقون على الجلوس على تلك الكنبة، لدرجة أنه كان من الصعب الفوز بزاوية شاغرة عليها. والخدمة "المدفوعة" ليست هي المشكلة الحقيقية، فكنت وأصدقائي مستعدين لدفع المبلغ الذي يحدده الفندق، ولكن كانت هناك مشكلة حالت دون استعمال الإنترنت لفترة يوم كامل، وهنا بدأ المشهد المؤسف، البعض توجه الى مقهى "ستاربكس" لأن الخدمة متوفرة به، والبعض الآخر ذهب الى المجمع التجاري القريب، وأكثر اللحظات فكاهة كانت عندما نزور معلما سياحيا ويجد أحدنا ذبذبات الانترنت متوفرة، ليسرع ويخبر باقي أعضاء فريق مدمني الانترنت، المشهد أكثر من مضحك، وبنفس الوقت محزن لأننا أصبحنا اليوم نربط إجازاتنا ولحظاتنا الجميلة بالهاتف الجوال والإنترنت، ففي كل مرة وجدنا فيها خدمة الواي فاي متوفرة، يهب أحدنا ليسأل النادل عن كلمة السر لاستعمال الخدمة، وبعدها بلحظات يتوقف الكلام والسمر حول المائدة ليتحول المشهد الى طاولة مليئة بالمأكولات، السكاكين متروكة عليها، لأن الموجودين اكتفوا باستعمال الشوكة لأن أيديهم اليمنى مشغولة.
هذه هي سياحة الواي فاي يا أعزائي، ولن أنسى قولا سمعته في سفرتي الأخيرة، عندما أراد أحد الأصدقاء طرح سؤال على المرشد السياحي حول معلم سياحي في لوس انجليس، فرد عليه صديق آخر : "إسأل غوغل".