جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

وصلنا .. صفقوا !

ستباشر الطائرة هبوطها التدريجي الى مطار .. الرجاء ربط أحزمة المقاعد .. سكوت تام في الطائرة بانتظار الوصول، وما أن تطأ إطارات الطائرة مدرج المطار، ولا تزال الطائرة في سرعة فائقة قبل التوقف التام، وقبل أن يتمكن الطيار من شد المكابح بشكل نهائي، حتى يتعالى صوت التصفيق في الطائرة، ويتعالى معها صوت المضيفة وهي تصرخ بصوت ينافس صدى التصفيق طالبة من أحد الركاب الجلوس لان الطائرة لم تصل الى نقطة النهاية ولم تتوقف عن الحركة بعد ولم يطفأ المحرك ولا تزال إشارات ربط الاحزمة مضاءة.
هذا هو المشهد على الطائرة التي تنقل الركاب في منطقتنا، والسؤال هنا لماذا يصفق العرب عندما تحط الطائرة بسلام؟ هل التصفيق هو للطيار "الخارق" الذي حقق ما لم يحققه غيره من قبل، أم أن التصفيق يعني الوصول بأمان وسلام الى أرض الوطن؟
هل هذا يعني أننا نحن العرب أكثر سعادة من الغربيين ولطالما نتباهى بعواطفنا الجياشة التي نتقن إظهارها على العلن مع المبالغة بعض الشيء؟
قرأت القليل عن الاسباب التي تجعل ركاب الطائرة يصفقون بعد هبوط الطائرة، وكانت النتيجة على الشكل التالي : السبب الاول قد يكون بسبب تعرض الركاب لمطبات هوائية عديدة خلال التحليق مما جعلهم يعبرون عن سعادتهم بعدما حطت الطائرة في المطار بسلام، أما السبب الثاني فقد يكون الوجهة بحد ذاتها، فإذا كانت سياحية (مثل أورلاندو) فغالبا ما يصفق الركاب للتعبير عن فرحهم لانهم على وشك بدء عطلتهم، أما السبب الثالث فهو سفر الركاب لاول مرة في حياتهم، وقد يكون هذا الامر منطقيا، فهل سبق ورأيت رجل أعمال جالسا في درجة رجال الأعمال أو الدرجة الاولى يصفق؟
والسبب الرابع والاهم هو الجنسية، لانه تبين بأن الركاب الذين يصفقون هم من بلدان العالم الثالث.
نحن بطبعنا فوضويون حتى في الاجواء، فالتصفيق ليس مشكلة امام تجاهل الركاب تعليمات الطيار والمضيفين، فينتفضون من مقاعدهم ويبدأون بتسلق أرضية الطائرة وهي في وضعية عمودية بعد ثوان من إقلاعها، أو مباشرة عند هبوطها، لان هذا الراكب يتمتع بقدرات ذكاء تتخطى تلك التي يتمتع بها الركاب الآخرون، فهو يعتقد بأنه بذلك قد يصل الى الوجهة النهائية قبل غيره . والمحزن في الموضوع ليس التصفيق، إنما الصورة التي يقدمها بعض الركاب عن أوطانهم من خلال ارتكاب بعض الحماقات مثل فك حزام الامان قبل الوقت المسموح به أو عدم ربطه أصلاً، والتكلم بصوت عال غير آبهين براحة الركاب الآخرين.
تذكر عزيزي المسافر، أنت دفعت ثمن تذكرة تخولك الجلوس في مقعدك ولم تشتر الطائرة، وتذكر بأنها ناقلة تجارية وليست طائرة خاصة، وتذكر أيضا أن هناك قوانين تطبق في الجو تماما مثل تلك التي تطبق على الأرض، فلو سمحت التزم بها ورجاء خفف "التصفيق".