فهد العيسى
TT

احتراف الوهن!

خرج المنتخب السعودي من البطولة الآسيوية بصورة محزنة سيئة لا تعكس حجم تاريخه. كنت متفائلا قبل انطلاق البطولة بل وحتى الهدف الأوزبكي الثاني في شباكنا، ربما طغت العاطفة على لغة العقل عندي، وأدركت حجم الضياع بعدما أطلق الأسترالي صافرة نهاية المباراة.
ودّع الأخضر البطولة الآسيوية للمرة الثانية تباعا من دور المجموعات الأولى؛ كانت في آسيا 2011 والثانية في النسخة الحالية، رغم أن كل شيء في الأخضر تغير عن النسخة الماضية إلا ثمانية لاعبين من بينهم الحارس وليد عبدالله.
منذ مواجهة البحرين 2009 التي ودعنا فيها التأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى بعد حضور متواصل لأربع مرات متتالية بدأت منذ 1994 ولم تنته إلا في 2006 ، بدأت مستويات الكرة السعودية تنحدر وأصبحنا نرمي الراية البيضاء للاستسلام سريعا.
تغير المدربون والإداريون، بل وشمل الأمر حتى رؤساء اتحاد القدم، وزاد ليبلغ رئاسة رعاية الشباب. ورغم اختلاف هذه الأسماء ظل المشهد يتكرر بطولة بعد أخرى. هذا الخروج المرير يجب أن نفتح معه صفحات العلاج والبحث عن الخلل الحقيقي، سئمنا المسكنات ومللنا الوعود، ولا طاقة لنا بتحمل مزيد من الإخفاقات.. ارحموا تاريخ الأخضر.
حديثي اليوم سيكون للاعبين وللمسؤول عنهم. رسالتي لمن بلغت عقودهم أرقاما فلكية مقابل مستويات هزيلة وارتباط يومي لا يذكر. ساعتان أو ربما ثلاث هي ما يقضيها اللاعب في النادي وبعدها ينطلق حرا في أعماله البعيدة عن كرة القدم وفي الأغلب السهر حتى ساعات متأخرة.
اللاعب السعودي يتقاضى ملايين الريالات من دون أن يتدرب على فترتين، ودون أن يأخذ ساعات عمل إضافية لتقوية عضلات جسمه في صالة الحديد أو حتى يقضى ساعات إضافة لتطوير نفسه في الركلات الثابتة مثلا أو الضربات الرأسية أو حتى المهارة بصورة أوسع، أو حتى يخضع لبرنامج غذائي صارم.
قارنوا بين البنية الجسمانية للاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو المتوج مؤخرا بجائزة الكرة الذهبية وبين بداياته مع الاحتراف الخارجي في فريق مانشستر يونايتد. شاهدو كيف تطور وكيف أصبح جسمه مثاليا للاعب كرة القدم. حتما لم يأت هذا من فراغ، بل نتيجة جهد وعمل إضافي يفوق ربما حتى زملائه في الفريق.
نحن طرقنا باب الاحتراف من أوسع أبوابه، ولكنه احتراف الوهن. عقود باهظة أرهقت خزائن الأندية، وساعات عمل محدودة لا مثيل لها في العالم. ونتيجتها لاعبون مدللون يخشى غضبهم مسؤول النادي دون أدنى مراحل الانضباط المطبقة عليهم.
نملك الموهبة، وتشهد ملاعبنا كل عام ولادة نجوم جدد، ولكن ماذا بعد!؟ يضيعون في فوضى الاحتراف المادية، ولا يجدون من يوجههم ومن يفرض عليهم أنظمة وساعات عمل إضافية. القليل من الانضباط والكثير من الجدية أيها اللاعبون.. حينها سنعود للتفوق من جديد.