جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

هل الإنجليز بخلاء؟

موضوع عن السياحة، نشر في صحيفة «الصاندي تايمز» يوم الأحد الماضي، بعنوان «بخلاء.. هكذا يرى العرب الإنجليز»، واتصلت بي كاتبة الموضوع لمناقشة فكرتها المبنية ـ كما قالت ـ على استطلاع للرأي صادر عن جهة بريطانية رسمية، شمل عددا من السياح العرب، الذين أجمعوا بأن الإنجليز شعب بخيل، وأن لندن هي عاصمة الضباب، في حين أن باريس هي عاصمة النور، وهذا الأمر يجعلهم يفكرون مليا قبل التوجه إلى لندن.
فكان جوابي، بأن هذا الاستطلاع هو عار من الصحة، وضعيف من حيث الحجة والتفاصيل، أما بالنسبة لوصف لندن بعاصمة الضباب، فهذا الوصف أصبح مستهلكا، ومن زار لندن يعرف تماما بأنها ليست مكسوة بالضباب، ومن شاهد الصور التي نشرت الأسبوع الماضي التي تبيّن لندن، وهي ترتدي حلة من الضباب يعرف بأن أهالي المدينة والمقيمين فيها مثلنا هللوا وتفاجأوا بتلك المناظر، التي شاهدوها للمرة الأولى.
في الماضي كان يعول الإنجليز على المدافئ في المنازل، التي كانت تنبعث منها أعمدة النيران، وكان هناك العديد من المناجم والمصانع التقليدية، ولهذا السبب كانت توصف المدينة بمدينة الضباب.
أما عن موضوع البخل، فكيف يمكن أن يؤثر بخل الشعب على السياحة؟ وهذا ما أثرته في ردي على أسئلة صحافية في «العربية الانجليزية» التي قامت باستقصاء حقيقة التقرير وقضية بخل الانجليز، البخل مسألة شخصية، ومن الممكن بأن يكون الحظ هاجر أحد السياح العرب عندما التقى بإنجليزي بخيل، ولكن هذا الأمر لا يعني بأن الإنجليز كلهم بخلاء، فهم يقدسون خصوصيتهم، ولكن هذه الصفة لا تزيد ولا تنقص من نظرة العرب للبلد، ولا تؤثر على قرارهم في زيارته.
«فيزيت بريتن» موقع بريطاني فعال يعنى بتسويق بريطانيا كوجهة جذابة للعرب، ووقع أخيرا اتفاقا مع طيران الاتحاد لمدة ثلاث سنوات بهدف تعزيز أعداد السائحين من منطقة آسيا والشرق الأوسط، وبلغت قيمة الشراكة مليوني جنيه استرليني، وهذه الشراكة إذا ما دلت على شيء، فإنها تدل على الروابط ما بين العرب وبريطانيا على الأقل «سياحيا»، كما أنه بداية من مطلع العام المقبل، سيكون بإمكان الإماراتيين والعمانيين والقطريين الحصول على الفيزا الالكترونية إلى بريطانيا عن طريق الانترنت، وتعرف باسم «الويفر» وهي تسهل الوقت ولا تستدعي تقديم مستندات عديدة، وهذه خطوة غير مسبوقة من شأنها تشجيع العرب على المجيء الى بريطانيا بشكل عام، ولندن بشكل خاص.
ويبقى السؤال، من أين جاء هذا التقرير، ولماذا جاء في هذا الوقت بالذات؟ واللافت هو أن موقع «فيزيت بريتن» رأى أن «الصاندي تايمز» قرأت التقرير بشكل خاطئ.
المهم وفي نهاية المطاف، أطمئنكم بأن الإنجليز ليسوا كلهم بخلاء، ولو كانوا كذلك، فما هي المشكلة؟
السياحة لا تعترف بأطباع الشعوب، وإنما بما فعلت وبما تقدم في بلدانها، وبما تزخر تلك البلدان لتجعلنا نقطع آلاف الأميال لزيارتها.