جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

فلسفة الـ«لايك»

هل لديك حساب على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»؟ أو أنك عضو على شبكة «لينكد إن»؟ إذا كان جوابك نعم.. اقرأ ما يلي:
كم مرة قمت بالضغط على زر «لايك»؟ هذه الكلمة انجليزية بالطبع، وتدل على الإعجاب أو الموافقة، نستعملها كثيرا في عالمنا العربي على موقع «فيس بوك» وغيره من المواقع الالكترونية، لدرجة أننا عرّبنا الكلمة، وبما أننا نحن العرب أفضل من بالغ في الوصف، ظللنا نستعملها بصيغة الجمع، لتصبح «لايكات».
أنا لا أعترض على استعمال زر «لايك»، إنما القصة وما فيها هي أننا نضغط على هذا الزر المرح في مواقف حساسة ومأساوية، وعلى صور دامية وإجرامية، فكيف يجوز أن نعلق على خبر وفاة قريب لصديق «فيسبوكي» (وهذه كلمة مستنبطة أخرى في واقعنا الخيالي، وفي علاقاتنا الافتراضية) بكلمة «لايك»؟
وللأمانة، أنا من بين الذين يبذلون جهدا في الضغط على زر «لايك» للتعبير عن إعجابي بصورة قريب أو صديق، ولكن استوقفني خبر حزين جدا، نشر على الموقع الأسبوع الماضي، وذهلت بكمية «اللايكات» التي رافقت الخبر، ولكني لم أفهم فلسفة الـ«لايك» في هذا الموقف المبكي، وفكرت في أنه على إدارة هذا الموقع الذكي، بأن تقترح اسما إضافيا إلى جانب «لايك» لحالات مأساوية مشابهة، فكلما فكرت بكلمة «لايك» أو أرى عدد الـ«لايكات» المرافق لخبر أو صورة، أشعر بغباء الفكرة.
النمط الالكتروني الثاني الذي يحيرني أيضا، هو كلمة Endorsement على موقع Linkedin، وهنا الكلمة تستعمل لدعم معارفك، وتطلب إدارة الموقع من المنتسبين باستمرار دعم أصدقائهم، وهذا الأمر مضحك للغاية، فكيف يمكنك أن تثني على عمل أحدهم، من دون أن تكون قد عملت معه فعلا، وتعرفت إليه وجها لوجه؟
أما بالنسبة للمشكلة الثالثة التي لا بد أن نجد لها حلا، هي مسألة الدردشة أو chat، أنا مع الفكرة، فالدردشة مفيدة وتخلق الكثير من الأفكار والمناقشات المثمرة، ولكن.. هل هناك قانون يشرح أدبيات الدردشة؟ فبمجرد أن تمسك هاتفك الجوال، حتى يعرف الجميع بأنك مربوط بشبكة الانترنت، وتبدأ الدردشة، ولكن كيف يمكن أن تنهي الدردشة من دون أن تسيء للشخص الذي فتح أبواب الحديث على مصراعيه؟ أنا لا أنتقد، بل أسأل فقط، وهذه الفكرة خطرت على بالي، عندما قرأت نكتة مضحكة على «فيسبوك» تقول: «مش كل واحد أون لاين فاضيلك»، وبالفعل، فكثيرون يردون على الدردشة من باب الأدب والذوق، ولكن كيف يمكنك أن تنهي الدردشة، التي لا بد أن تنتهي في مرحلة ما.
المهم.. الرجاء عدم فهمي خطأ، أنا مع الـ«لايك»، والدليل هو وجود زر «لايك» في أسفل هذا الموضوع، فلن أنزعج إذا قمتم بالضغط عليه، فقط إذا أعجبكم هذا، لأنه في هذه الحالة، يمكن تبرير فلسفة الـ«لايك».