وليد أبي مرشد
صحافيّ وكاتب وخبير اقتصادي لبنانيّ
TT

حلفاء... أم أعباء؟

هل يحسد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحالفه مع سوريا وإيران في وقت تتحول فيه الدولتان إلى عبء سياسي عليه عوض أن تكونا سنداً لطموحاته الخارجية؟
بالنسبة إلى سوريا... حدث ولا حرج. لا يكفي بوتين أن يكون واحداً من رؤساء ثلاث أو أربع دول في العالم أجمع تؤيد النظام الأوتوقراطي في دمشق، بل عليه أيضاً أن يتحمل اتهامات دولية «بالتواطؤ» معها في قصفها الكيماوي لخان شيخون.
نظام يضع حليفه في قفص الاتهام ويشوّه سمعته الدولية... يستأهل، على الأقل، عتباً من حليفه، إن لم يكن تأنيباً. ولكن تفضيل الرئيس بوتين تقبل الاتهامات التي تحمله، جزئياً أو كلياً، مسؤولية عودة النظام السوري إلى استعمال غاز السارين على خسارة ورقة سوريا تضفي بعض المصداقية على الاتهامات الأميركية.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: إذا كان الرئيس بوتين يسعى، عبر سوريا، لإقناع الولايات المتحدة بقبوله شريكاً كاملاً في رعاية الاستقرار في الشرق الأوسط، فلماذا يتخذ مواقف تستعديها عوض استرضائها؟
الرئيس دونالد ترمب وصف علاقة بلاده بروسيا، عقب دفاعها عن نظام الأسد بعد القصف الصاروخي لخان شيخون، بأنها «ليست على ما يرام على الإطلاق»؛ ما يوحي بأن أجواءها باتت أقرب ما يكون إلى أجواء الحرب الباردة، رغم أن التوتر الروسي - الغربي الراهن لا يعود إلى تصادم المصالح الدولية الحيوية للطرفين، ولا حتى إلى مبررات آيديولوجية، اللهم إلا إذا كان حرص روسيا على بقاء الأنظمة الأوتوقراطية الصغيرة، مثل سوريا الأسد، يخفف من «عزلتها» في عصر الحريات العامة والفردية.
إلا أن الأخطر في موقف روسيا من حليفها الكيماوي مسارعتها للدفاع عنه بأمضى سلاح دبلوماسي تملكه، أي حق الفيتو، لقطع الطريق على تبني مجلس الأمن قراراً يطالب النظام السوري بالتعاون مع التحقيق الدولي حول الهجوم الكيماوي على خان شيخون.
لا يتوقع أحد نشوب حرب عالمية ثالثة بسبب سوريا، لكن يبدو أيضاً ألا نهاية وشيكة للمآسي الإنسانية والجرائم المرعبة في حرب سوريا الأهلية التي دخلت عامها السابع؛ ما يبرر توقع المزيد من التوتر بين روسيا والولايات المتحدة، والغرب عامة.
ما يطبق على العلاقة الروسية – السورية يطبق أيضاً على العلاقة الروسية – الإيرانية، سواء لجهة التعاون مع نظام أوتوقراطي صغير، أو التحالف معه في حرب أهلية خرقت كل محظور ومحرم في الحروب التقليدية.
واللافت في هذا السياق، أن روسيا تخاطر، في تحالفها مع إيران، بتوسيع «شق خلافاتها مع الولايات المتحدة قي أعقاب إعلان الرئيس ترمب معارضته للاتفاق النووي الذي وقعه سلفه، باراك أوباما، مع طهران وإعرابه عن رغبته في إعادة النظر به.
هل دخل الرئيس فلاديمير بوتين مرحلة تحدي الولايات المتحدة على النفوذ السياسي في الشرق الأوسط، أم أنه لا يزال يناور استعداداً للعودة إلى «دبلوماسية المقايضة»، أي محاولة الإمساك بأكبر عدد من الأوراق السياسية الحساسة في الشرق الأوسط ومقايضتها بالأوراق الأكثر أهمية لبلاده في أوروبا، مثل رفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا، والحد من تمدد حلف الأطلسي في أوروبا الشرقية والاعتراف بحق بلاده في استعادة شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وأخيراً لا آخراً الاعتراف «بحق» روسيا في الاحتفاظ بنفوذ دبلوماسي فيما تسميه موسكو «دول الجوار القريب»، أي النفوذ الذي مارسته لأكثر من أربعة عقود في عصر المنظومة السوفياتية؟
قد ينفع التذكير بأن المواجهات الروسية – الأميركية الكبرى في عهد المنظومة السوفياتية غالباً ما كانت تنتهي لصالح الولايات المتحدة، وأخطرها كانت عملية حصار برلين وأزمة صواريخ كوبا... فهل يعقل أن يشذ الخلاف حول سوريا عن هذه القاعدة؟