وليد أبي مرشد
صحافيّ وكاتب وخبير اقتصادي لبنانيّ

سباق على طاولة التسوية

ميدانياً، يجري حالياً في صحراء سوريا الشرقية سباق محموم بين قوات النظام السوري، المدعومة من روسيا، وقوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة. عسكرياً، محط رحال السابقين مدينة دير الزور، آخر معاقل دولة «داعش» السيئة الذكر والذكرى. أمّا سياسياً، وبصرف النظر عمّن يضع يده قبل الآخر على دير الزور، فسيظل الرابح الفعلي روسيا... إن لم يكن الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً. لماذا؟ لأن سباق دير الزور، بأبعاده الإقليمية والدولية، مؤشر كاف على «تورط» الولايات المتحدة في عملية التسوية السياسية المرتقبة في سوريا...

خلافة «دويلة داعش»

أيام «دويلة داعش» المزعومة باتت معدودة بعد انهيار معنويات ما تبقى من شراذم «داعش»، كما أظهرت معارك تلعفر والرقة وجرود جبال لبنان الشرقية. خسارة الموصل، أكبر المدن التي سيطرت «داعش» عليها في حربها الصاعقة في العراق، كانت نقطة تحول عسكري مصيري في حملتها الجامحة للسيطرة على مناطق في غرب العراق وشرق سوريا وتوحيدها بداعي بعث هذه الدويلة على أنقاض الجغرافيا والتاريخ معاً. ولكن، إذا أصبح مصير دويلة داعش «كدويلة» دخيلة على الشرق الأوسط والقرن الحادي والعشرين في ذمة التاريخ، فإن السؤال الكبير يبقى: من يملأ الفراغ الأمني الذي تخلفه وخصوصاً الفراغ «الآيديولوجي»، إن صح التعبير؟ لم تحتَج هذه الدويلة إلى أك

حرب تأكيد لبنانية لبنان

أول سؤال يتبادر إلى ذهن اللبناني المتابع لإنجازات جيشه في معارك جرود جبال السلسلة الشرقية هو: إذا كان جيش لبنان قادراً، وبالسلاح المتوفر له حالياً، على دحر مقاتلي «داعش» وانتحارييه في معارك ضارية على أرض وعرة يتحصن فيها التنظيم الإرهابي منذ سنوات...

لبنان بين السيادة والولاء المذهبي

كان ملجأ أقليات مذهبية محكومة بالتعايش بوئام على مساحته الضيقة من الحريات الدينية والمعتقدية، مكتفية بالخلاص من اضطهاد الجوار وسلطاته الجائرة. هكذا كان لبنان في بدايات وجوده الجغرافي... وهكذا يفترض أن يبقى ليظل جزيرة للحريات والديمقراطية في منطقة مضطربة معظم الأحيان.

أميركا و«جيش الحسكة»

إن صحت رواية المرصد السوري لحقوق الإنسان، تخطط الولايات المتحدة لتشكيل جيش «وطني» سوري في ريف الحسكة (شرق سوريا)، ليكون القوة الوحيدة المخولة التوجه نحو محافظة دير الزور، التي يسيطر تنظيم داعش على معظم أراضيها. «تعيش وتفوق، واشنطن ذاهبة إلى الحج والناس راجعة».

لبنان في مرحلة «البين بين»

ما كاد «حزب الله» ومدفعية جيش النظام السوري الثقيلة، يسجلان انتصاراً عسكرياً على «جبهة النصرة» في جرود عرسال (الحدود السورية اللبنانية)، بعد ثلاث سنوات من المواجهات المتواصلة، حتى عاد الجدل في لبنان حول حصرية السلاح، ولكن بنبرة خافتة هذه المرة قد تعود لسببين رئيسيين؛ أولهما شبه الإجماع اللبناني على أنّ «النصرة» منظمة إرهابية والخلاص منها نعمة أمنية، وثانيهما أنّ الانتخابات النيابية على الأبواب، ومن الحكمة السياسية تجنب استعداء الناخب الشيعي. على خلفية هذا الوضع كان أجرأ المنتقدين لتصرفات «حزب الله» رئيس «حزب القوات اللبنانية»، سمير جعجع الذي أكد أنّه لا يعتبر الخلاص من «النصرة» في جرود عرسال،

من كعكة حلوى إلى برميل بارود

نقلت روايات تاريخية عن إمبراطور فرنسا، نابليون بونابرت، وصفه في القرن الثامن عشر لدولة بولندا بأنّها «كعكة الحلوى الأوروبية»، فلا حروب تنشب بين دول أوروبا الكبرى آنذاك دون أن تنتهي بتقاسم بولندا بين المنتصرين. في الواقع، بقيت بولندا كعكة أوروبا الشهية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها بصفقة بين «الحلفاء» اقتطعت روسيا بموجبها جزءاً وافراً من شرق بولندا، عوّضها «الحلفاء» عنه بمنحها جزءاً مقابلاً من أراضي الخاسر الأكبر في الحرب؛ ألمانيا النازية. لو كان نابليون بونابرت حياً في القرن العشرين، لربما عدّ الشرق الأوسط كعكة ذلك الزمن، خصوصاً أنّ تقاسمه بين بريطانيا وفرنسا في اتفاقية «س

شرق أوسط «قديم»

حتى لو كان التاريخ يعيد نفسه أحياناً، فإن مشروع دولة الخلافة «الداعشية» تجربة كارثية يجب ألا تتكرر بأي ثمن كان، وأي مسمى كان.

نظرة فابتسامة فسلام... في هامبورغ

لأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب صافح صنوه الروسي فلاديمير بوتين في قمة العشرين في هامبورغ، الأسبوع الماضي، بعد أشهر من الجفاء «الرسمي» بينهما، اعتبر الكثير من المراقبين السياسيين أنّ صفحة جديدة فتحت في سجل العلاقات الأميركية - الروسية، فيما توقع محلّلون آخرون أن يساعد لقاء هامبورغ في تسريع التسوية السورية. لا جدال في أنّ مصافحة هامبورغ كسرت جليد العلاقات الشخصية بين ترمب وبوتين، ولكن في عالم الدبلوماسية، لا مجال لتسويات تنطلق من قاعدة «عفا الله عمّا مضى»، فبين موسكو وواشنطن ما صنع الحدّاد...

لمن يستمر النزاع السوري؟

إلى متى يستمر النزاع السوري كمجموعة حروب متنقلة لم تعد أي منها تجسد قضية سوريا الداخلية بعد أن وأد الإسلام السياسي شعاراتها الوطنية وصادر جبهات معاركها؟ حتى مع التسليم بأن أولوية كل المتدخلين في حروب سوريا هي القضاء على «الإرهاب الدولي»، لم يعد خافياً أن «أجندة» الحرب على الإرهاب تشمل أهدافاً تتجاوز القضاء على «داعش». على سبيل المثال لا الحصر، يحارب النظام - الذي «توفق» أكثر مما كان يتوقع من بروز «الداعشيين» كألد أعدائه في سوريا - لإنقاذ رأسه من انتفاضة شعبية على الديكتاتورية والمحافظة على ما بقي من «مفيد» في «سوريا المفيدة». أما روسيا - التي فاتتها مكاسب عصر الاستعمار الأوروبي الذهبي في القرن