د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

روسيا المفاوض الرئيسي في «جنيف 4»!

يبدو أن حلقات مؤتمرات جنيف مستمرة في حل القضية السورية وسوف تطول وما مفاوضات جنيف 4 إلا حلقة من حلقات هذا المسلسل الدراماتيكي الذي كان ويكون فيه الشعب السوري هو الضحية وتأكد بما ليس مجالاً للشك أن روسيا هي التي تمسك بخيوط اللعبة وأثبتت إلى الآن أنها قادرة على «قتل القتيل والمشي في جنازته». الدبلوماسية الروسية هي التي تحرك الفريق المفاوض للنظام السوري وفي الوقت الذي تدعي أنها تريد الاستقرار السياسي في سوريا ووقف إطلاق النار في كل الأراضي السورية تعاكس ذلك وتقوم برفع الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار يصدر في المجلس ضد النظام السوري بما فيه القرار الأخير الذي صوت عليه مجلس الأمن بتقديم المسؤولين من النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين إلى المحكمة الدولية وكذلك تقوم بقصف مدينة الباب وبقية المدن السورية بطائراتها في الوقت الذي كانت تجري فيه المفاوضات في جنيف.
ما تريده روسيا سياسياً بعد أن أدت ما عليها عسكرياً هو إضعاف المعارضة السورية للقبول باليسير ودفع هذه المعارضة للتسليم بالأمر الواقع، ولذا فهي والنظام السوري يشنان حرباً نفسية على وفد المعارضة لجعل الوفد في مظهر غير قادر على المفاوضات وبأنه غير متماسك، وهذا ما تمثل في بداية مؤتمر جنيف 4 عندما طلب رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري من وفد المعارضة إدانة العملية الإرهابية، وكان انتحاريون قد فجروا أنفسهم في ثاني يوم من المفاوضات بأحزمة ناسفة في مركزين أمنيين بمدينة حمص ما تسبب في مقتل اثنين وثلاثين شخصاً، وإصابة أربعة وعشرين آخرين، حسبما صرح مصدر أمني لـ«سبوتنيك».
إضافة إلى أن روسيا هي التي قامت منذ مؤتمر آستانة الأخير بتفخيخ وفد المعارضة الأساسي (الهيئة العليا للمفاوضات) بشخصيات ومنصات محسوبة على دول تقتل وتفتك بأبناء الشعب السوري ليلاً ونهاراً، فالأول هو وفدها المؤلف من شخصيات تعمل وفق إملاءات وتطلعات نظام الأسد تحت وصاية روسية هدفها وضع أول خنجر في ظهر الهيئة العليا للمعارضة السورية والثاني وفد القاهرة بقيادة ممثل الدراما السورية جمال سليمان ومع كل ذلك لم تحقق فيما وعدت به في
الاجتماع الثلاثي الذي عقد في تركيا والذي ضم وزراء خارجية كل من روسيا وتركيا وإيران بأنها سوف توقف القتال في كل الأراضي السورية!
ما تريده روسيا هو مفاوضات صورية للوصول بسوريا إلى دولة ليس بها طرف قوي لا النظام ولا المعارضة وهي في كل ذلك تسرق الوقت قبل أن يتضح الموقف جلياً للرئيس الأميركي دونالد ترمب ويعلن دخوله المفاوضات بقوة لانشغاله بمحاربة «الإرهاب» والانتهاء من الموقف في العراق.
في المقابل المكسب الذي حققته المعارضة السورية في نظري هو مكسب إعلامي سياسي، وهو ظهور وفد المعارضة ممثلة في الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة الدكتور نصر الحريري خاصة بمظهر حضاري أمام وسائل الإعلام خلال المؤتمرات الإعلامية بعد كل جلسة مفاوضات وبشخصية متزنة هادئة وإجابات منطقية وهادئة أمام الصحافيين ويتفاءل في حديثه بخلاف رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري الذي ظهر بمظهر المتحدث المتعجرف المنفعل المتشائم ولقد تهرب من ثلاثة مؤتمرات صحافية. ولذا كان قراراً صائباً أن تشارك المعارضة في هذا المؤتمر لتظهر حقيقة النظام السوري ونواياه، وأن روسيا دورها حليف للنظام السوري ودمرت وقتلت المئات من المدنيين السوريين بطائراتها في حلب وبقية المدن السورية، وأنها ليست مؤهلة للقيام بدور الضامن لوقف القتال كما وعدت، ولذا أصبحت في وضع محرج في موقفها من القضية السورية.. فهل تمارس روسيا ضغوطاً على النظام السوري في مؤتمرات آستانة وجنيف القادمة أم تبقي الوضع على ما هو عليه وهذا ليس من مصلحتها.. كل ذلك سوف ينكشف في الأيام القادمة وإن غداً لناظره لقريب!