وضعت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال American Academy of Pediatrics إرشاداتها للوالدين في كيفية تحقيق استخدام أطفالهما وأبنائهما المراهقين لوسائل الإعلام الإلكتروني بطريقة صحية تجعلهم يتلقون وجبة إعلامية صحية Healthy Media Diet، وذلك بعنوان «استخدام الأطفال والمراهقين للإعلام الإلكتروني». كما أعدت مراجعة علمية لنتائج البحوث الطبية التي تدعم عناصر الإرشادات الطبية تلك بعنوان «الأطفال والمراهقون والوسائط الرقمية».
ولتبسيط الأمر على الوالدين وضعت الأكاديمية كذلك وسيلة تفاعلية على الإنترنت كأداة يتمكن الآباء والأمهات من خلالها وضع خطة عائلية لاستخدام وسائل الإعلام Family Media Use Plan الإلكتروني بالذات من قبل أطفالهم. وتم نشر تلك المقالات العلمية الثلاث ضمن عدد نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي من مجلة «طب الأطفال» Pediatrics، لسان حال الأكاديمية.
وأفادت الأكاديمية أن جيل اليوم ينمو مغمورًا إعلاميًا في البرامج التلفزيونية والأفلام وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي. ولدى الوالدين دور مهم في توجيه ومساعدة أطفالهما على الاستفادة من تلك الوسائل الإعلامية. وقالت الأكاديمية إنها تعترف بدور الإعلام الإلكتروني المرئي في حياة الأطفال، وإن إرشاداتها الجديدة تأخذ في الاعتبار مختلف أنواع الاحتياجات الصحية والتعليمية والترفيهية التي يحتاجها الأطفال وبقية أفراد الأسرة.
وعلقت الدكتورة جيني راديسكي، طبيبة الأطفال ورئيسة فريق وضع الإرشادات الخاصة بالأطفال ما قبل الدخول إلى المدرسة، بالقول: «يجب على العوائل التفكير بشكل استباقي حول استخدام أطفالهم لوسائل الإعلام الإلكتروني المرئية، وأن يتحدثوا مع أطفالهم حول ذلك، لأن استغراق الأطفال لفترات زمنية طويلة في مشاهدتها لا يجعل لديهم وقتًا كافيًا خلال النهار للعب أو الحديث أو الدراسة أو النوم، ومن المهم أن يكون الوالدان هما المعلمين المشرفين على استخدام أطفالهما لتلك الوسائل، وهو ما يعني أن يكون الوالدان هما منْ يُعلم أطفالهما كيفية استخدامها كأداة للتعلم والتواصل والترفيه».
ولتحقيق استفادة الأطفال من الترفيه والتعلم والتواصل الإلكتروني ودون التسبب بأضرار صحية عليهم، نصحت الأكاديمية الوالدين بوضع أولويات إبداعية في الاستفادة التعليمية لأطفالهما من تلك البرامج التي يتم عرضها في وسائل الإعلام الإلكتروني عبر تخصيص وقت يومي محدد لذلك وعبر عدة خطوات أخرى، وأفادت أن بعض البرامج ذات محتوى تعليمي قيّم ومفيد للأطفال، ويُمكن أن تبدأ استفادة الأطفال منها من عمر 18 شهرا.
ولكن الأكاديمية نصحت الوالدين أن يتأكدا بنفسيهما من أنها ذات محتوى جيد وذلك بمشاركة الوالدين أطفالهما في المشاهدة معهم لتلك البرامج، وهو ما يُفيد أطفالهما من خلال قيام الوالدين بتوضيح وفهم ما يشاهدونه، أي بما يحقق التوازن بين جانب انتقاء نوعية من البرامج المفيدة وتحقيق استفادة الطفل منها، وأيضًا الحفاظ في الجانب الآخر على ممارسة الطفل لسلوكيات يومية صحية أخرى مثل اللعب بالحركة البدنية ومشاركة أفراد الأسرة الآخرين في الحديث والتواصل وأداء الفروض المدرسية وتناول الطعام الصحي ونيل قسط كاف من النوم. وأكدت الأكاديمية أن الفكرة هي تحقيق التوازن بين استخدام وسائل الإعلام الإلكتروني مع الحفاظ على ممارسة الطفل للسلوكيات الصحية الأخرى خلال ساعات اليوم.
من جانبها، علقت الدكتورة ميغن مورينو، رئيسة فريق وضع الإرشادات للأطفال في سن المدرسة وللمراهقين، بالقول: «يلعب الوالدان دورًا مهمًا لمساعدة الأطفال والمراهقين في التنقل بين أنواع البرامج والألعاب في وسائل الإعلام الإلكتروني، وهو ما قد يكون إيجابيًا في جانب وسلبيًا في جانب أخر. والوالدان يُمكنهما وضع حدود وتوقعات تجعل من الممكن للطفل والمراهق الحصول على خبرات جيدة وإيجابية. والمفتاح هو إدراك الأطفال والمراهقين أن استخدام تلك وسائل يكون ضمن الأنشطة المشتركة للأسرة».
وأوضحت الأكاديمية أن المشكلة لدى الأطفال والمراهقين تبدأ عندما يُبعد ذلك الاستخدام المفرط لوسائل الإعلام الإلكتروني الطفل عن ممارسة النشاط البدني وعن التعامل الواقعي مع الحياة الحقيقية وعن التدريب العملي على استكشاف الأشياء من حوله وعلى مقدار ونوعية النوم، وهي كلها عوامل تُؤثر بشكل سلبي على قدرات التعلم لدى الطفل والمراهق.
ومن ضمن الإرشادات الحديثة للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، أنه يجدر تقليص مدة استخدام الشاشة للإعلام المرئي إلى ساعة واحدة فقط في اليوم بالنسبة للأطفال ما بين عمر سنتين وخمس سنوات، وأن تكون البرامج ذات نوعية جيدة، وأن يُشارك الأب أو الأم طفلهما تلك المشاهدة للتأكد من نوعية محتواها وأيضًا لتفهيم الطفل ما يراه معروضًا على الشاشة وكيفية الاستفادة منه بطريقة تطبيقية لفهم العالم من حوله. وبالنسبة للأطفال ما فوق عمر ست سنوات، يجدر وضع حدود زمنية بالاتفاق مع الطفل على الوقت الذي يقضيه في استخدام الوسائل الإعلامية المرئية أو التفاعلية كألعاب الفيديو، كما يجدر بالوالدين الاهتمام بأنواع الوسائل المستخدمة كشاشات التلفزيون والشاشات اللوحية والكومبيوتر وغيرها، والتأكد من أن استخدامها لا يُؤثر على التحصيل العلمي للطفل ولا على ممارسة السلوكيات الصحية في اللعب بالحركة البدنية وأخذ قسط كاف من النوم وتناول الأطعمة الصحية والمشاركة في اللقاءات العائلية وغيرها.
كما نصحت الأكاديمية بضرورة تخصيص أوقات خالية من استخدام الوسائل تلك، مثل أوقات تناول الطعام باجتماع أفراد الأسرة، أو بعد ساعة أو ساعتين من مغيب الشمس، أو أثناء الجلوس في السيارة. وكذلك وضع أماكن منزلية خالية منها كغرف النوم وغرفة تناول الطعام والحديقة.
ومن بين كل هذا وذاك، ثمة قضاء ساعات العمر الجميل بالتواصل بين الوالدين وأطفالهما، وهي أيام الطفولة التي لا تُعوّض، وهو التواصل الأعلى متعة والأعلى فائدة لكل من الوالدين وللأطفال. ذلك أن في مراحل الطفولة والمراهقة يكون التواصل بين الوالدين وأطفالهما لتربيتهم وتنشئتهم بصحة جيدة وتنمية معرفتهم واطلاعهم ونجاحهم في التحصيل الدراسي. ومع توفر وسائل ألعاب الفيديو والبرامج الترفيهية والبرامج التعليمية والأفلام، ثمة فرصة ذهبية للوالدين، عبر مشاركة أطفالهما وأبنائهما المراهقين، في ممارسة دورهما التربوي لتنشئة أطفالهما بطريقة تجعلهما راضيين عن أدائهما لدور الأبوة والأمومة.
* استشاري باطنية وقلب
مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
[email protected]
8:7 دقيقه
TT
الوالدان والأطفال.. ووسائل الإعلام الإلكترونية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة